[ ص: 177 ]   ( إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط    ) 
قوله تعالى : ( إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط    ) 
واعلم أن هذه الآية من تمام وصف المنافقين  ، فبين تعالى أنهم مع ما لهم من الصفات الذميمة والأفعال القبيحة مترقبون نزول نوع من المحنة والبلاء بالمؤمنين ، وفي الآية مسائل : 
المسألة الأولى : المس أصله باليد  ثم يسمى كل ما يصل إلى الشيء ( ماسا ) على سبيل التشبيه ، فيقال : فلان مسه التعب والنصب ، قال تعالى : ( وما مسنا من لغوب    ) [ ق : 38 ] وقال : ( وإذا مسكم الضر في البحر    ) [ الإسراء : 67 ] قال صاحب " الكشاف " : المس هاهنا بمعنى الإصابة ، قال تعالى : ( إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة    ) [ التوبة : 50 ] وقوله : ( ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك    ) [ النساء : 79 ] وقال : ( إذا مسه الشر جزوعا  وإذا مسه الخير منوعا    ) [ المعارج : 20 ] . 
المسألة الثانية : المراد من الحسنة  هاهنا منفعة الدنيا على اختلاف أحوالها ، فمنها صحة البدن وحصول الخصب والفوز بالغنيمة والاستيلاء على الأعداء وحصول المحبة والألفة بين الأحباب ، والمراد بالسيئة  أضدادها ، وهي المرض والفقر والهزيمة والانهزام من العدو وحصول التفرق بين الأقارب ، والقتل والنهب والغارة ، فبين تعالى أنهم يحزنون ويغتمون بحصول نوع من أنواع الحسنة للمسلمين ويفرحون بحصول نوع من أنواع السيئة لهم . 
المسألة الثالثة : يقال ساء الشيء يسوء فهو سيئ ، والأنثى سيئة أي قبح ، ومنه قوله تعالى : ( ساء ما يعملون    ) [ المائدة : 66 ] والسوأى ضد الحسنى . 
				
						
						
