(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ) .
اعلم أن هذا من النوع الثاني من الأحكام التي ذكرها في هذه السورة وهو حكم الأنكحة وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : قال
الواحدي رحمه الله : الإقساط العدل ، يقال أقسط الرجل إذا عدل ، قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ) [ الحجرات : 9 ] والقسط العدل والنصفة ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135كونوا قوامين بالقسط ) [ النساء : 135 ] قال
الزجاج : وأصل قسط وأقسط جميعا من القسط وهو النصيب ، فإذا قالوا : قسط بمعنى جار أرادوا أنه ظلم صاحبه في قسطه الذي يصيبه ، ألا ترى أنهم قالوا : قاسطته إذا غلبته على قسطه ، فبني قسط على بناء ظلم وجار وغلب ، وإذا قالوا أقسط فالمراد أنه صار ذا قسط عدل ، فبني على بناء أنصف إذا أتى بالنصف والعدل في قوله وفعله وقسمه .
المسألة الثانية : اعلم أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وإن خفتم ألا تقسطوا ) شرط ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) [ النساء : 3 ] جزاء ، ولا بد من بيان أنه كيف يتعلق هذا الجزاء بهذا الشرط ، وللمفسرين فيه وجوه :
الأول : روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012265عن عروة أنه قال : قلت nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة : ما nindex.php?page=treesubj&link=28975معنى قول الله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ) فقالت : يا ابن أختي هي اليتيمة تكون في حجر وليها فيرغب في مالها وجمالها ، إلا أنه يريد أن ينكحها بأدنى من صداقها ، ثم إذا تزوج بها عاملها معاملة رديئة لعلمه بأنه ليس لها من يذب عنها ويدفع شر ذلك الزوج عنها ، فقال تعالى : وإن خفتم أن تظلموا اليتامى عند نكاحهن فانكحوا من غيرهن ما طاب لكم من النساء ، قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها : ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية فيهن ، فأنزل الله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء ) [ النساء : 127 ] قالت : وقوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء ) [ النساء : 127 ] المراد منه هذه الآية وهي قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وإن خفتم ألا تقسطوا ) .
[ ص: 140 ] الوجه الثاني : في تأويل الآية : أنه لما نزلت الآية المتقدمة في اليتامى وما في أكل أموالهم من الحوب الكبير ، خاف الأولياء أن يلحقهم الحوب بترك الإقساط في حقوق اليتامى ، فتحرجوا من ولايتهم ، وكان الرجل منهم ربما كان تحته العشر من الأزواج وأكثر ، فلا يقوم بحقوقهن ولا يعدل بينهن ، فقيل لهم : إن خفتم ترك العدل في حقوق اليتامى فتحرجتم منها ، فكونوا خائفين من ترك العدل من النساء ، فقللوا عدد المنكوحات ؛ لأن من تحرج من ذنب أو تاب عنه وهو مرتكب لمثله فكأنه غير متحرج .
الوجه الثالث في التأويل : أنهم كانوا يتحرجون من ولاية اليتامى فقيل : إن خفتم في حق اليتامى فكونوا خائفين من الزنا ، فانكحوا ما حل لكم من النساء ولا تحوموا حول المحرمات .
الوجه الرابع في التأويل : ما روي عن
عكرمة أنه قال : كان الرجل عنده النسوة ويكون عنده الأيتام ، فإذا أنفق مال نفسه على النسوة ولم يبق له مال وصار محتاجا ، أخذ في إنفاق أموال اليتامى عليهن فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ) عند كثرة الزوجات فقد حظرت عليكم أن لا تنكحوا أكثر من أربع كي يزول هذا الخوف ، فإن خفتم في الأربع أيضا فواحدة ، فذكر الطرف الزائد وهو الأربع ، والناقص وهو الواحدة ، ونبه بذلك على ما بينهما ، فكأنه تعالى قال : فإن خفتم من الأربع فثلاث ، فإن خفتم فاثنتان ، فإن خفتم فواحدة ، وهذا القول أقرب ، فكأنه تعالى خوف من الإكثار من النكاح بما عساه يقع من الولي من التعدي في مال اليتيم للحاجة إلى الإنفاق الكثير عند التزوج بالعدد الكثير .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى ) .
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا مِنَ النَّوْعِ الثَّانِي مِنَ الْأَحْكَامِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَهُوَ حُكْمُ الْأَنْكِحَةِ وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَالَ
الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : الْإِقْسَاطُ الْعَدْلُ ، يُقَالُ أَقْسَطَ الرَّجُلُ إِذَا عَدَلَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) [ الْحُجُرَاتِ : 9 ] وَالْقِسْطُ الْعَدْلُ وَالنَّصَفَةُ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ) [ النِّسَاءِ : 135 ] قَالَ
الزَّجَّاجُ : وَأَصْلُ قَسَطَ وَأَقْسَطَ جَمِيعًا مِنَ الْقِسْطِ وَهُوَ النَّصِيبُ ، فَإِذَا قَالُوا : قَسَطَ بِمَعْنَى جَارَ أَرَادُوا أَنَّهُ ظَلَمَ صَاحِبَهُ فِي قِسْطِهِ الَّذِي يُصِيبُهُ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَالُوا : قَاسَطْتُهُ إِذَا غَلَبْتَهُ عَلَى قِسْطِهِ ، فَبُنِيَ قَسَطَ عَلَى بِنَاءِ ظَلَمَ وَجَارَ وَغَلَبَ ، وَإِذَا قَالُوا أَقْسَطَ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ صَارَ ذَا قِسْطٍ عَدْلٍ ، فَبُنِيَ عَلَى بِنَاءِ أَنْصَفَ إِذَا أَتَى بِالنِّصْفِ وَالْعَدْلِ فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ وَقَسْمِهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا ) شَرْطٌ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ) [ النِّسَاءِ : 3 ] جَزَاءٌ ، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ أَنَّهُ كَيْفَ يَتَعَلَّقُ هَذَا الْجَزَاءُ بِهَذَا الشَّرْطِ ، وَلِلْمُفَسِّرِينَ فِيهِ وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : رُوِيَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012265عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ قَالَ : قُلْتُ nindex.php?page=showalam&ids=25لِعَائِشَةَ : مَا nindex.php?page=treesubj&link=28975مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى ) فَقَالَتْ : يَا ابْنَ أُخْتِي هِيَ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حِجْرِ وَلِيِّهَا فَيَرْغَبُ فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا ، إِلَّا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَنْكِحَهَا بِأَدْنَى مِنْ صَدَاقِهَا ، ثُمَّ إِذَا تَزَوَّجَ بِهَا عَامَلَهَا مُعَامَلَةً رَدِيئَةً لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا مَنْ يَذُبُّ عَنْهَا وَيَدْفَعُ شَرَّ ذَلِكَ الزَّوْجِ عَنْهَا ، فَقَالَ تَعَالَى : وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ تَظْلِمُوا الْيَتَامَى عِنْدَ نِكَاحِهِنَّ فَانْكِحُوا مِنْ غَيْرِهِنَّ مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ، قَالَتْ nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ فِيهِنَّ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ ) [ النِّسَاءِ : 127 ] قَالَتْ : وَقَوْلُهُ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ ) [ النِّسَاءِ : 127 ] الْمُرَادُ مِنْهُ هَذِهِ الْآيَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا ) .
[ ص: 140 ] الْوَجْهُ الثَّانِي : فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ : أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي الْيَتَامَى وَمَا فِي أَكْلِ أَمْوَالِهِمْ مِنَ الْحُوبِ الْكَبِيرِ ، خَافَ الْأَوْلِيَاءُ أَنْ يَلْحَقَهُمُ الْحُوبُ بِتَرْكِ الْإِقْسَاطِ فِي حُقُوقِ الْيَتَامَى ، فَتَحَرَّجُوا مِنْ وَلَايَتِهِمْ ، وَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ رُبَّمَا كَانَ تَحْتَهُ الْعَشْرُ مِنَ الْأَزْوَاجِ وَأَكْثَرُ ، فَلَا يَقُومُ بِحُقُوقِهِنَّ وَلَا يَعْدِلُ بَيْنَهُنَّ ، فَقِيلَ لَهُمْ : إِنْ خِفْتُمْ تَرْكَ الْعَدْلِ فِي حُقُوقِ الْيَتَامَى فَتَحَرَّجْتُمْ مِنْهَا ، فَكُونُوا خَائِفِينَ مِنْ تَرْكِ الْعَدْلِ مِنَ النِّسَاءِ ، فَقَلَّلُوا عَدَدَ الْمَنْكُوحَاتِ ؛ لِأَنَّ مَنْ تَحَرَّجَ مِنْ ذَنْبٍ أَوْ تَابَ عَنْهُ وَهُوَ مُرْتَكِبٌ لِمِثْلِهِ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ مُتَحَرِّجٍ .
الْوَجْهُ الثَّالِثُ فِي التَّأْوِيلِ : أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِنْ وَلَايَةِ الْيَتَامَى فَقِيلَ : إِنْ خِفْتُمْ فِي حَقِّ الْيَتَامَى فَكُونُوا خَائِفِينَ مِنَ الزِّنَا ، فَانْكِحُوا مَا حَلَّ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ وَلَا تَحُومُوا حَوْلَ الْمُحَرَّمَاتِ .
الْوَجْهُ الرَّابِعُ فِي التَّأْوِيلِ : مَا رُوِيَ عَنْ
عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ الرَّجُلُ عِنْدَهُ النِّسْوَةُ وَيَكُونُ عِنْدَهُ الْأَيْتَامُ ، فَإِذَا أَنْفَقَ مَالَ نَفْسِهِ عَلَى النِّسْوَةِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ مَالٌ وَصَارَ مُحْتَاجًا ، أَخَذَ فِي إِنْفَاقِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى عَلَيْهِنَّ فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى ) عِنْدَ كَثْرَةِ الزَّوْجَاتِ فَقَدْ حَظَرْتُ عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَنْكِحُوا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ كَيْ يَزُولَ هَذَا الْخَوْفُ ، فَإِنْ خِفْتُمْ فِي الْأَرْبَعِ أَيْضًا فَوَاحِدَةً ، فَذَكَرَ الطَّرَفَ الزَّائِدَ وَهُوَ الْأَرْبَعُ ، وَالنَّاقِصَ وَهُوَ الْوَاحِدَةُ ، وَنَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى مَا بَيْنَهُمَا ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : فَإِنْ خِفْتُمْ مِنَ الْأَرْبَعِ فَثَلَاثٌ ، فَإِنْ خِفْتُمْ فَاثْنَتَانِ ، فَإِنْ خِفْتُمْ فَوَاحِدَةٌ ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَقْرَبُ ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى خَوَّفَ مِنَ الْإِكْثَارِ مِنَ النِّكَاحِ بِمَا عَسَاهُ يَقَعُ مِنَ الْوَلِيِّ مِنَ التَّعَدِّي فِي مَالِ الْيَتِيمِ لِلْحَاجَةِ إِلَى الْإِنْفَاقِ الْكَثِيرِ عِنْدَ التَّزَوُّجِ بِالْعَدَدِ الْكَثِيرِ .