المسألة الخامسة : قال  الشافعي    - رضي الله تعالى عنه - : العارية مضمونة بعد الهلاك  ، وقال  أبو حنيفة    - رضي الله تعالى عنه - : غير مضمونة . حجة  الشافعي  قوله تعالى : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها    ) وظاهر الأمر للوجوب ، وبعد هلاكها تعذر ردها بصورتها ، ورد ضمانها ردها بمعناها ، فكانت الآية دالة على وجوب التضمين . ونظير هذه الآية قوله - عليه الصلاة والسلام - : " على اليد ما أخذت حتى تؤديه   " أقصى ما في الباب أن الآية مخصوصة في الوديعة ، لكن العام بعد التخصيص حجة ، وأيضا فلأنا أجمعنا على أن المستام مضمون ، وأن المودع غير مضمون ، والعارية وقعت في البين ، فنقول : المشابهة بين العارية وبين المستام   [ ص: 113 ] أكثر ؛ لأن كل واحد منهما أخذه الأجنبي لغرض نفسه ، بخلاف المودع ، فإنه أخذ الوديعة لغرض المالك ، فكانت المشابهة بين المستعار وبين المستام أتم ، فظهر الفرق بين المستعار وبين المودع . حجة  أبي حنيفة  قوله - عليه الصلاة والسلام - : " لا ضمان على مؤتمن   " . 
قلنا : إنه مخصوص في المستام ، فكذا في العارية ؛ ولأن دليلنا ظاهر القرآن ، وهو أقوى . 
				
						
						
