المسألة الثامنة عشرة : اعلم أن لفظ التحية  على ما بيناه صار كناية عن الإكرام ، فجميع أنواع الإكرام يدخل تحت لفظ التحية . 
إذا عرفت هذا فنقول : قال  أبو حنيفة  رضي الله عنه : من وهب لغير ذي رحم محرم  فله الرجوع فيها ما لم يثب منها ، فإذا أثيب منها فلا رجوع فيها . وقال  الشافعي  رضي الله عنه : له الرجوع في حق الولد ، وليس له الرجوع في حق الأجنبي ، احتج  أبو بكر الرازي  بهذه الآية على صحة قول  أبي حنيفة  فإن قوله : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها    ) يدخل فيه التسليم ، ويدخل فيه الهبة ، ومقتضاه وجوب الرد إذا لم يصر مقابلا بالأحسن ، فإذا لم يثبت الوجوب فلا أقل من الجواز ، وقال  الشافعي    : هذا الأمر محمول على الندب ، بدليل أنه لو أثيب بما هو أقل منه سقطت مكنة الرد بالإجماع ، مع أن ظاهر الآية يقتضي أن يأتي بالأحسن ، ثم احتج  الشافعي  على قوله بما روى  ابن عباس   وابن عمر  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده   " وهذا نص في أن هبة الأجنبي يحرم الرجوع   [ ص: 172 ] فيها ، وهبة الولد يجوز الرجوع فيها . 
				
						
						
