(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=157وما قتلوه يقينا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=158بل رفعه الله إليه ) .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=157وما قتلوه يقينا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=158بل رفعه الله إليه ) .
واعلم أن هذا اللفظ يحتمل وجهين :
أحدهما : يقين عدم القتل ، والآخر يقين عدم الفعل ، فعلى التقدير الأول يكون المعنى : أنه تعالى أخبر أنهم شاكون في أنه هل قتلوه أم لا ؟ ثم أخبر
محمدا بأن اليقين حاصل بأنهم ما قتلوه ، وعلى التقدير الثاني يكون المعنى أنهم شاكون في أنه هل قتلوه هو ؟ ثم أكد ذلك بأنهم قتلوا ذلك الشخص الذي قتلوه لا على يقين أنه
عيسى - عليه السلام - بل حينما قتلوه كانوا شاكين في أنه هل هو
عيسى أم لا ، والاحتمال الأول أولى لأنه تعالى قال بعده (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=158بل رفعه الله إليه ) وهذا الكلام إنما يصح إذا تقدم القطع واليقين بعدم القتل .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=158بل رفعه الله إليه ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ
أبو عمرو والكسائي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=158بل رفعه الله إليه ) بإدغام اللام في الراء والباقون بترك الإدغام ، حجتهما قرب مخرج اللام من الراء ، والراء أقوى من اللام بحصول التكرير فيها ، ولهذا لم يجز إدغام الراء في اللام لأن الأنقص يدغم في الأفضل ، وحجة الباقين أن الراء واللام حرفان من كلمتين فالأولى ترك الإدغام .
المسألة الثانية : المشبهة احتجوا بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=158بل رفعه الله إليه ) في إثبات الجهة .
والجواب : المراد الرفع إلى موضع لا يجري فيه حكم غير الله تعالى كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=210وإلى الله ترجع الأمور ) [البقرة : 210] وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=100ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ) [النساء : 100] وكانت الهجرة في ذلك الوقت إلى
المدينة ، وقال
إبراهيم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=99إني ذاهب إلى ربي ) [الصافات : 99] .
المسألة الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=34001_33951_32430رفع عيسى - عليه السلام - إلى السماء ثابت بهذه الآية ، ونظير هذه الآية قوله في آل عمران : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=55إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ) [آل عمران : 55] واعلم أنه تعالى لما ذكر عقيب
[ ص: 82 ] ما شرح أنه وصل إلى
عيسى أنواع كثيرة من البلاء والمحنة أنه رفعه إليه دل ذلك على أن رفعه إليه أعظم في باب الثواب من الجنة ومن كل ما فيها من اللذات الجسمانية ، وهذه الآية تفتح عليك باب معرفة السعادات الروحانية .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=157وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=158بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ) .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=157وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=158بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ) .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : يَقِينُ عَدَمِ الْقَتْلِ ، وَالْآخَرُ يَقِينُ عَدَمِ الْفِعْلِ ، فَعَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ يَكُونُ الْمَعْنَى : أَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهُمْ شَاكُّونَ فِي أَنَّهُ هَلْ قَتَلُوهُ أَمْ لَا ؟ ثُمَّ أَخْبَرَ
مُحَمَّدًا بِأَنَّ الْيَقِينَ حَاصِلٌ بِأَنَّهُمْ مَا قَتَلُوهُ ، وَعَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي يَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ شَاكُّونَ فِي أَنَّهُ هَلْ قَتَلُوهُ هُوَ ؟ ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَتَلُوا ذَلِكَ الشَّخْصَ الَّذِي قَتَلُوهُ لَا عَلَى يَقِينٍ أَنَّهُ
عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَلْ حِينَمَا قَتَلُوهُ كَانُوا شَاكِّينَ فِي أَنَّهُ هَلْ هُوَ
عِيسَى أَمْ لَا ، وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ بَعْدَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=158بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ) وَهَذَا الْكَلَامُ إِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا تَقَدَّمَ الْقَطْعُ وَالْيَقِينُ بِعَدَمِ الْقَتْلِ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=158بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ) فَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَرَأَ
أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=158بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ) بِإِدْغَامِ اللَّامِ فِي الرَّاءِ وَالْبَاقُونَ بِتَرْكِ الْإِدْغَامِ ، حُجَّتُهُمَا قُرْبُ مَخْرَجِ اللَّامِ مِنَ الرَّاءِ ، وَالرَّاءُ أَقْوَى مِنَ اللَّامِ بِحُصُولِ التَّكْرِيرِ فِيهَا ، وَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ إِدْغَامُ الرَّاءِ فِي اللَّامِ لِأَنَّ الْأَنْقَصَ يُدْغَمُ فِي الْأَفْضَلِ ، وَحُجَّةُ الْبَاقِينَ أَنَّ الرَّاءَ وَاللَّامَ حَرْفَانِ مِنْ كَلِمَتَيْنِ فَالْأَوْلَى تَرْكُ الْإِدْغَامِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : الْمُشَبِّهَةُ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=158بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ) فِي إِثْبَاتِ الْجِهَةِ .
وَالْجَوَابُ : الْمُرَادُ الرَّفْعُ إِلَى مَوْضِعٍ لَا يَجْرِي فِيهِ حُكْمُ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=210وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ) [الْبَقَرَةِ : 210] وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=100وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) [النِّسَاءِ : 100] وَكَانَتِ الْهِجْرَةُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلَى
الْمَدِينَةِ ، وَقَالَ
إِبْرَاهِيمُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=99إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي ) [الصَّافَّاتِ : 99] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=34001_33951_32430رَفْعُ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِلَى السَّمَاءِ ثَابِتٌ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ فِي آلِ عِمْرَانَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=55إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) [آلِ عِمْرَانَ : 55] وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ عَقِيبَ
[ ص: 82 ] مَا شَرَحَ أَنَّهُ وَصَلَ إِلَى
عِيسَى أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْمِحْنَةِ أَنَّهُ رَفَعَهُ إِلَيْهِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ رَفْعَهُ إِلَيْهِ أَعْظَمُ فِي بَابِ الثَّوَابِ مِنَ الْجَنَّةِ وَمِنْ كُلِّ مَا فِيهَا مِنَ اللَّذَّاتِ الْجُسْمَانِيَّةِ ، وَهَذِهِ الْآيَةُ تَفْتَحُ عَلَيْكَ بَابَ مَعْرِفَةِ السَّعَادَاتِ الرُّوحَانِيَّةِ .