( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما )
ثم قال تعالى : ( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما )
واعلم أنه تعالى لما شرح فضائح أعمال اليهود وقبائح الكافرين وأفعالهم ذكر عقيبه تشديده تعالى عليهم في الدنيا وفي الآخرة ، أما تشديده عليهم في الدنيا فهو ، كما قال تعالى في موضع آخر : ( أنه تعالى حرم عليهم طيبات كانت محللة لهم قبل ذلك وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون ) [الأنعام : 146] ثم إنه تعالى بين ما هو كالعلة الموجبة لهذه التشديدات .
واعلم أن أنواع الذنوب محصورة في نوعين : الظلم للخلق ، ، أما والإعراض عن الدين الحق فإليه الإشارة بقوله : ( ظلم الخلق وبصدهم عن سبيل الله ) ثم إنهم مع ذلك في غاية الحرص في طلب المال ، فتارة يحصلونه بالربا مع أنهم نهوا عنه ، وتارة بطريق الرشوة وهو المراد بقوله : ( وأكلهم أموال الناس بالباطل ) ونظيره قوله تعالى : ( سماعون للكذب أكالون للسحت ) [المائدة : 42] فهذه الأربعة هي الذنوب الموجبة للتشديد عليهم في الدنيا وفي الآخرة ، أما التشديد في الدنيا فهو الذي تقدم ذكره من تحريم الطيبات عليهم ، وأما التشديد في الآخرة فهو المراد من قوله : ( وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما ) .