( يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم    ) . 
قوله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم    )    . 
اعلم أن هذا نوع آخر من الأحكام ، ووجه النظم أنه تعالى كما قال : ( لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم    ) [المائدة : 87] ثم استثنى الخمر والميسر عن ذلك ، فكذلك استثنى هذا النوع من الصيد عن المحللات ، وبين دخوله في المحرمات . 
وهاهنا مسائل : 
المسألة الأولى : اللام في قوله : ( ليبلونكم الله    ) لام القسم ، لأن اللام والنون قد يكونان جوابا للقسم ، وإذا ترك القسم جيء بهما دليلا على القسم . 
المسألة الثانية : الواو في قوله : ( ليبلونكم ) مفتوحة لالتقاء الساكنين . 
المسألة الثالثة : ( ليبلونكم ) أي ليختبرن طاعتكم من معصيتكم ، أي ليعاملنكم معاملة المختبر . 
المسألة الرابعة : قال  مقاتل بن حيان    : ابتلاهم الله بالصيد وهم محرمون عام الحديبية  حتى كانت الوحش والطير تغشاهم في رحالهم ، فيقدرون على أخذها بالأيدي وصيدها بالرماح ، وما رأوا مثل ذلك قط ، فنهاهم الله عنها ابتلاء   . قال الواحدي    : الذي تناله الأيدي من الصيد ، الفراخ والبيض وصغار الوحش ، والذي تناله الرماح : الكبار ، وقال بعضهم : هذا غير جائز ; لأن الصيد اسم للمتوحش الممتنع دون ما لم يمتنع . 
المسألة الخامسة : معنى التقليل والتصغير في قوله : ( بشيء من الصيد    ) أن يعلم أنه ليس بفتنة من الفتن العظام التي يكون التكليف فيها صعبا شاقا ، كالابتلاء ببذل الأرواح والأموال ، وإنما هو ابتلاء سهل ، فإن الله تعالى امتحن أمة محمد    - صلى الله عليه وسلم - بصيد البر كما امتحن بني إسرائيل  بصيد البحر ، وهو صيد السمك . 
 [ ص: 72 ] المسألة السادسة : ( من ) في قوله : ( من الصيد    ) للتبعيض من وجهين : 
أحدهما : المراد صيد البر دون البحر . والثاني : صيد الإحرام دون صيد الإحلال ، وقال الزجاج    : يحتمل أن تكون للتبيين كقوله : ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان    ) [الحج : 30] . 
المسألة السابعة : أراد بالصيد المفعول ، بدليل قوله تعالى : ( تناله أيديكم ورماحكم    ) والصيد إذا كان بمعنى المصدر يكون حدثا ، وإنما يوصف بنيل اليد والرماح ما كان عينا . 
				
						
						
