ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95هديا بالغ الكعبة ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : في الآية وجهان :
الأول : أن المعنى يحكمان به هديا يساق إلى
الكعبة فينحر هناك ، وهذا يؤكد قول من أوجب المثل من طريق الخلقة لأنه تعالى لم يقل : يحكمان به شيئا يشترى به هدي ، وإنما قال يحكمان به هديا ، وهذا صريح في أنهما يحكمان بالهدي لا غير .
الثاني : أن يكون المعنى يحكمان به شيئا يشترى به ما يكون هديا ، وهذا بعيد عن ظاهر اللفظ ، والحق هو الأول . وقوله : ( هديا ) نصب على الحال من الكناية في قوله : ( به ) والتقدير يحكم بذلك المثل شاة أو بقرة أو بدنة ، فالضمير في قوله : ( به ) عائد إلى المثل والهدي حال منه ، وعند التفطن لهذين الاعتبارين فمن الذي يرتاب في أن الواجب هو المثل من طريق الخلقة ؟ والله أعلم .
المسألة الثانية : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95بالغ الكعبة ) صفة لقوله : ( هديا ) لأن إضافته غير حقيقية ، تقديره بالغا
الكعبة ، لكن التنوين قد حذف استخفافا ، ومثله (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=24عارض ممطرنا ) .
المسألة الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=34077_32996سميت الكعبة كعبة لارتفاعها وتربعها ، والعرب تسمي كل بيت مربع كعبة ،
والكعبة إنما أريد بها كل الحرم ، لأن الذبح والنحر لا يقعان في
الكعبة ولا عندها ملازقا لها ، ونظير هذه الآية قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=33ثم محلها إلى البيت العتيق ) [الحج : 33] .
المسألة الرابعة : معنى بلوغه
الكعبة أن يذبح بالحرم ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=17160_3685دفع مثل الصيد المقتول إلى الفقراء حيا لم يجز ، بل يجب عليه ذبحه في الحرم ، وإذا ذبحه في الحرم ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : يجب عليه أن يتصدق به في
الحرم أيضا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله : له أن يتصدق به حيث شاء ، وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن له أن يصوم حيث شاء ، لأنه لا منفعة فيه لمساكين الحرم .
[ ص: 79 ] حجة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أن نفس الذبح إيلام ، فلا يجوز أن يكون قربة ، بل القربة هي إيصال اللحم إلى الفقراء ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95هديا بالغ الكعبة ) يوجب إيصال تلك الهدية إلى
أهل الحرم والكعبة .
وحجة
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله أنها لما وصلت إلى
الكعبة فقد صارت هديا بالغ
الكعبة ، فوجب أن يخرج عن العهدة .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي الْآيَةِ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الْمَعْنَى يَحْكُمَانِ بِهِ هَدْيًا يُسَاقُ إِلَى
الْكَعْبَةِ فَيُنْحَرُ هُنَاكَ ، وَهَذَا يُؤَكِّدُ قَوْلَ مَنْ أَوْجَبَ الْمِثْلَ مِنْ طَرِيقِ الْخِلْقَةِ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ : يَحْكُمَانِ بِهِ شَيْئًا يُشْتَرَى بِهِ هَدْيٌ ، وَإِنَّمَا قَالَ يَحْكُمَانِ بِهِ هَدْيًا ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمَا يَحْكُمَانِ بِالْهَدْيِ لَا غَيْرَ .
الثَّانِي : أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى يَحْكُمَانِ بِهِ شَيْئًا يُشْتَرَى بِهِ مَا يَكُونُ هَدْيًا ، وَهَذَا بَعِيدٌ عَنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ ، وَالْحَقُّ هُوَ الْأَوَّلُ . وَقَوْلُهُ : ( هَدْيًا ) نُصِبَ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْكِنَايَةِ فِي قَوْلِهِ : ( بِهِ ) وَالتَّقْدِيرُ يَحْكُمُ بِذَلِكَ الْمِثْلِ شَاةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ بَدَنَةً ، فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ : ( بِهِ ) عَائِدٌ إِلَى الْمِثْلِ وَالْهَدْيُ حَالٌ مِنْهُ ، وَعِنْدَ التَّفَطُّنِ لِهَذَيْنِ الِاعْتِبَارَيْنِ فَمَنِ الَّذِي يَرْتَابُ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْمِثْلُ مِنْ طَرِيقِ الْخِلْقَةِ ؟ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95بَالِغَ الْكَعْبَةِ ) صِفَةٌ لِقَوْلِهِ : ( هَدْيًا ) لِأَنَّ إِضَافَتَهُ غَيْرُ حَقِيقِيَّةٍ ، تَقْدِيرُهُ بَالِغًا
الْكَعْبَةَ ، لَكِنَّ التَّنْوِينَ قَدْ حُذِفَ اسْتِخْفَافًا ، وَمِثْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=24عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=34077_32996سُمِّيَتِ الْكَعْبَةُ كَعْبَةً لِارْتِفَاعِهَا وَتَرَبُّعِهَا ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ بَيْتٍ مُرَبَّعٍ كَعْبَةً ،
وَالْكَعْبَةُ إِنَّمَا أُرِيدَ بِهَا كُلُّ الْحَرَمِ ، لِأَنَّ الذَّبْحَ وَالنَّحْرَ لَا يَقَعَانِ فِي
الْكَعْبَةِ وَلَا عِنْدَهَا مُلَازِقًا لَهَا ، وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=33ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) [الْحَجِّ : 33] .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : مَعْنَى بُلُوغِهِ
الْكَعْبَةَ أَنْ يُذْبَحَ بِالْحَرَمِ ، فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=17160_3685دَفَعَ مِثْلَ الصَّيْدِ الْمَقْتُولِ إِلَى الْفُقَرَاءِ حَيًّا لَمْ يَجُزْ ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَبْحُهُ فِي الْحَرَمِ ، وَإِذَا ذَبَحَهُ فِي الْحَرَمِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ فِي
الْحَرَمِ أَيْضًا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ : لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ حَيْثُ شَاءَ ، وَسَلَّمَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ أَنَّ لَهُ أَنْ يَصُومَ حَيْثُ شَاءَ ، لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ .
[ ص: 79 ] حُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ : أَنَّ نَفْسَ الذَّبْحِ إِيلَامٌ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً ، بَلِ الْقُرْبَةُ هِيَ إِيصَالُ اللَّحْمِ إِلَى الْفُقَرَاءِ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ ) يُوجِبُ إِيصَالَ تِلْكَ الْهَدِيَّةِ إِلَى
أَهْلِ الْحَرَمِ وَالْكَعْبَةِ .
وَحُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهَا لَمَّا وَصَلَتْ إِلَى
الْكَعْبَةِ فَقَدْ صَارَتْ هَدْيًا بَالِغَ
الْكَعْبَةِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَخْرُجَ عَنِ الْعُهْدَةِ .