[ ص: 47 ] أما قوله : ( فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : إنما قال في الشمس هذا مع أنها مؤنثة ، ولم يقل هذه لوجوه :
أحدها : أن الشمس بمعنى الضياء والنور ، فحمل اللفظ على التأويل فذكر .
وثانيها : أن الشمس لم يحصل فيها علامة التأنيث ، فلما أشبه لفظها لفظ المذكر وكان تأويلها تأويلا للنور صلح التذكير من هاتين الجهتين .
وثالثها : أراد هذا الطالع أو هذا الذي أراه .
ورابعها : المقصود منه رعاية الأدب ، وهو . ترك التأنيث عند ذكر اللفظ الدال على الربوبية
المسألة الثانية : قوله : ( هذا أكبر ) المراد منه أكبر الكواكب جرما وأقواها قوة ، فكان أولى بالإلهية .
فإن قيل : لما كان الأفول حاصلا في الشمس والأفول يمنع من صفة الربوبية ، وإذا ثبت امتناع صفة الربوبية للشمس كان امتناع حصولها للقمر ولسائر الكواكب أولى . وبهذا الطريق يظهر أن ذكر هذا الكلام في الشمس يغني عن ذكره في القمر والكواكب . فلم لم يقتصر على ذكر الشمس رعاية للإيجاز والاختصار ؟
قلنا : إن الأخذ من الأدون فالأدون ، مترقيا إلى الأعلى فالأعلى ، له نوع تأثير في التقرير والبيان والتأكيد لا يحصل من غيره ، فكان ذكره على هذا الوجه أولى .