( المسألة الثانية ) : على هدى ) بيان لتمكنهم من الهدى واستقرارهم عليه حيث شبهت حالهم بحال من اعتلى الشيء وركبه ، ونظيره " فلان على الحق ، أو على الباطل " وقد صرحوا به في قولهم : " جعل الغواية مركبا ، وامتطى الجهل " ، وتحقيق القول في كونهم على الهدى تمسكهم بموجب الدليل ، لأن الواجب على المتمسك بالدليل أن يدوم على ذلك ويحرسه عن المطاعن والشبه ، فكأنه تعالى ومدحهم بالإيمان بما أنزل عليه أولا ، ومدحهم بالإقامة على ذلك والمواظبة على حراسته عن الشبه ثانيا ، وذلك واجب على المكلف ، لأنه إذا كان متشددا في الدين خائفا وجلا فلا بد من أن يحاسب نفسه في علمه وعمله ، ويتأمل حاله فيهما ، فإذا حرس نفسه عن الإخلال كان ممدوحا بأنه على هدى وبصيرة ، وإنما نكر ( معنى الاستعلاء في قوله : ( هدى ) ليفيد ضربا مبهما لا يبلغ كنهه ولا يقدر قدره ، كما يقال : لو أبصرت فلانا لأبصرت رجلا . قال : عون بن عبد الله ، ولا يبصره إلا بصير ، ولا يعمل به إلا يسير ، ألا ترى أن نجوم السماء يبصرها البصراء ، ولا يهتدي بها إلا العلماء . الهدى من الله كثير