( والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون    ) 
قوله تعالى :( والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون    ) 
اعلم أنه تعالى لما ذكر ما لأجله صرف المتكبرين عن آياته بقوله :( ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين    ) بين حال أولئك المكذبين ، فقد كان يجوز أن يظن أنهم يختلفون في باب العقاب لأن فيهم من يعمل بعض أعمال البر ، فبين تعالى حال جميعهم سواء كان متكبرا أو متواضعا ، أو كان قليل الإحسان ، أو كان كثير الإحسان ، فقال :( والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة    ) يعني بذلك جحدهم للميعاد وجراءتهم على المعاصي ، فبين تعالى أن أعمالهم محبطة ، والكلام في حقيقة الإحباط قد تقدم في سورة البقرة على الاستقصاء فلا فائدة في الإعادة . 
ثم قال تعالى :( هل يجزون إلا ما كانوا يعملون    ) وفيه حذف ، والتقدير : هل يجزون إلا بما كانوا يعملون ؟ أو على ما كانوا يعملون . واحتج أصحابنا بهذه الآية على فساد قول أبي هاشم  في أن تارك الواجب يستحق العقاب بمجرد أن لا يفعل الواجب ، وإن لم يصدر منه فعل عند ذلك الواجب . قالوا : هذه الآية تدل على أنه لا جزاء إلا على العمل  ، وليس ترك الواجب بعمل ، فوجب أن لا يجازى عليه ، فثبت أن الجزاء إنما حصل على فعل ضده . وأجاب أبو هاشم    : بأني لا أسمي ذلك العقاب جزاء فسقط الاستدلال . 
وأجاب أصحابنا عن هذا الجواب : بأن الجزاء إنما سمي جزاء ؛ لأنه يجزي ويكفي في المنع من النهي ، وفي الحث على المأمور به ، فإن ترتب العقاب على مجرد ترك الواجب  كان ذلك العقاب كافيا في الزجر عن ذلك الترك فكان جزاء ، فثبت أنه لا سبيل إلى الامتناع من تسميته جزاء . والله أعلم . 
				
						
						
