المسألة السادسة : قوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28723_27699الإنسان لا يدعو ربه إلا بتلك الأسماء الحسنى ، وهذه الدعوة لا تتأتى إلا إذا عرف معاني تلك الأسماء ، وعرف بالدليل أن له إلها وربا خالقا موصوفا بتلك الصفات الشريفة المقدسة ، فإذا عرف بالدليل ذلك فحينئذ يحسن أن يدعو ربه بتلك الأسماء والصفات ، ثم إن لتلك الدعوة شرائط كثيرة مذكورة بالاستقصاء في كتاب ( المنهاج )
nindex.php?page=showalam&ids=14164لأبي عبد الله الحليمي ، وأحسن ما فيه أن يكون مستحضرا لأمرين : أحدهما : عزة الربوبية .
والثانية : ذلة العبودية .
فهناك يحسن الدعاء ويعظم موقع ذلك الذكر . فأما إذا لم يكن كذلك كان قليل الفائدة ، وأنا أذكر لهذا المعنى مثالا ، وهو أن من أراد أن يقول في تحريمة صلاته الله أكبر ، فإنه يجب أن يستحضر في النية جميع ما أمكنه من معرفة آثار الله تعالى في تخليق نفسه وبدنه وقواه العقلية والحسية أو الحركية ، ثم يتعدى من نفسه إلى استحضار آثار حكمة الله في تخليق جميع الناس ، وجميع الحيوانات ، وجميع أصناف النبات والمعادن ، والآثار العلوية من الرعد والبرق والصواعق التي توجد في كل أطراف العالم ، ثم يستحضر آثار قدرة الله تعالى في تخليق الأرضين والجبال والبحار والمفاوز ، ثم يستحضر آثار قدرة الله تعالى في تخليق طبقات العناصر السفلية والعلوية ، ثم يستحضر آثار قدرة الله تعالى في تخليق أطباق السماوات على سعتها وعظمها ، وفي تخليق أجرام النيرات من الثوابت والسيارات ، ثم يستحضر آثار قدرة الله تعالى في تخليق الكرسي وسدرة المنتهى ، ثم يستحضر آثار قدرته في تخليق العرش العظيم المحيط بكل هذه الموجودات ، ثم يستحضر آثار قدرته في تخليق الملائكة من حملة العرش والكرسي وجنود عالم الروحانيات ، فلا يزال يستحضر من هذه الدرجات والمراتب أقصى ما يصل إليه فهمه وعقله وذكره وخاطره وخياله ، ثم عند استحضار جميع هذه الروحانيات والجسمانيات على تفاوت درجاتها وتباين منازلها ومراتبها ، يقول : الله أكبر ، ويشير بقوله : الله إلى الموجود الذي خلق هذه الأشياء وأخرجها من العدم إلى الوجود ، ورتبها بما لها من الصفات والنعوت ، وبقوله : أكبر أي أنه لا يشبه لكبريائه وجبروته وعزه وعلوه وصمديته هذه الأشياء بل هو أكبر من أن يقال : إنه أكبر من هذه الأشياء . فإذا عرفت هذا المثال الواحد فقس الذكر الحاصل مع العرفان والشعور ، وعندها ينفتح على عقلك نسمة من الأسرار المودعة تحت قوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : قَوْلُهُ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28723_27699الْإِنْسَانَ لَا يَدْعُو رَبَّهُ إِلَّا بِتِلْكَ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى ، وَهَذِهِ الدَّعْوَةُ لَا تَتَأَتَّى إِلَّا إِذَا عَرَفَ مَعَانِيَ تِلْكَ الْأَسْمَاءِ ، وَعَرَفَ بِالدَّلِيلِ أَنَّ لَهُ إِلَهًا وَرَبًّا خَالِقًا مَوْصُوفًا بِتِلْكَ الصِّفَاتِ الشَّرِيفَةِ الْمُقَدَّسَةِ ، فَإِذَا عَرَفَ بِالدَّلِيلِ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَحْسُنُ أَنْ يَدْعُوَ رَبَّهُ بِتِلْكَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ ، ثُمَّ إِنَّ لِتِلْكَ الدَّعْوَةِ شَرَائِطَ كَثِيرَةً مَذْكُورَةً بِالِاسْتِقْصَاءِ فِي كِتَابِ ( الْمِنْهَاجِ )
nindex.php?page=showalam&ids=14164لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيِّ ، وَأَحْسَنُ مَا فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحْضِرًا لِأَمْرَيْنِ : أَحَدُهُمَا : عِزَّةُ الرُّبُوبِيَّةِ .
وَالثَّانِيَةُ : ذِلَّةُ الْعُبُودِيَّةِ .
فَهُنَاكَ يَحْسُنُ الدُّعَاءُ وَيَعْظُمُ مَوْقِعُ ذَلِكَ الذِّكْرِ . فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَانَ قَلِيلَ الْفَائِدَةِ ، وَأَنَا أَذْكُرُ لِهَذَا الْمَعْنَى مِثَالًا ، وَهُوَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ فِي تَحْرِيمَةِ صَلَاتِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ ، فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي النِّيَّةِ جَمِيعَ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ مَعْرِفَةِ آثَارِ اللَّهِ تَعَالَى فِي تَخْلِيقِ نَفْسِهِ وَبَدَنِهِ وَقُوَاهُ الْعَقْلِيَّةِ وَالْحِسِّيَّةِ أَوِ الْحَرَكِيَّةِ ، ثُمَّ يَتَعَدَّى مِنْ نَفْسِهِ إِلَى اسْتِحْضَارِ آثَارِ حِكْمَةِ اللَّهِ فِي تَخْلِيقِ جَمِيعِ النَّاسِ ، وَجَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ ، وَجَمِيعِ أَصْنَافِ النَّبَاتِ وَالْمَعَادِنِ ، وَالْآثَارِ الْعُلْوِيَّةِ مِنَ الرَّعْدِ وَالْبَرْقِ وَالصَّوَاعِقِ الَّتِي تُوجَدُ فِي كُلِّ أَطْرَافِ الْعَالَمِ ، ثُمَّ يَسْتَحْضِرُ آثَارَ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي تَخْلِيقِ الْأَرْضِينَ وَالْجِبَالِ وَالْبِحَارِ وَالْمَفَاوِزِ ، ثُمَّ يَسْتَحْضِرُ آثَارَ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي تَخْلِيقِ طَبَقَاتِ الْعَنَاصِرِ السُّفْلِيَّةِ وَالْعُلْوِيَّةِ ، ثُمَّ يَسْتَحْضِرُ آثَارَ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي تَخْلِيقِ أَطْبَاقِ السَّمَاوَاتِ عَلَى سَعَتِهَا وَعِظَمِهَا ، وَفِي تَخْلِيقِ أَجْرَامِ النَّيِّرَاتِ مِنَ الثَّوَابِتِ وَالسَّيَّارَاتِ ، ثُمَّ يَسْتَحْضِرُ آثَارَ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي تَخْلِيقِ الْكُرْسِيِّ وَسِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ، ثُمَّ يَسْتَحْضِرُ آثَارَ قُدْرَتِهِ فِي تَخْلِيقِ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْمُحِيطِ بِكُلِّ هَذِهِ الْمَوْجُودَاتِ ، ثُمَّ يَسْتَحْضِرُ آثَارَ قُدْرَتِهِ فِي تَخْلِيقِ الْمَلَائِكَةِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَجُنُودِ عَالَمِ الرُّوحَانِيَّاتِ ، فَلَا يَزَالُ يَسْتَحْضِرُ مِنْ هَذِهِ الدَّرَجَاتِ وَالْمَرَاتِبِ أَقْصَى مَا يَصِلُ إِلَيْهِ فَهْمُهُ وَعَقْلُهُ وَذِكْرُهُ وَخَاطِرُهُ وَخَيَالُهُ ، ثُمَّ عِنْدَ اسْتِحْضَارِ جَمِيعِ هَذِهِ الرُّوحَانِيَّاتِ وَالْجُسْمَانِيَّاتِ عَلَى تَفَاوُتِ دَرَجَاتِهَا وَتَبَايُنِ مَنَازِلِهَا وَمَرَاتِبِهَا ، يَقُولُ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، وَيُشِيرُ بِقَوْلِهِ : اللَّهُ إِلَى الْمَوْجُودِ الَّذِي خَلَقَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ وَأَخْرَجَهَا مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ ، وَرَتَّبَهَا بِمَا لَهَا مِنَ الصِّفَاتِ وَالنُّعُوتِ ، وَبِقَوْلِهِ : أَكْبَرُ أَيْ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُ لِكِبْرِيَائِهِ وَجَبَرُوتِهِ وَعِزِّهِ وَعُلُوِّهِ وَصَمَدِيَّتِهِ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بَلْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يُقَالَ : إِنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ . فَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا الْمِثَالَ الْوَاحِدَ فَقِسِ الذِّكْرَ الْحَاصِلَ مَعَ الْعِرْفَانِ وَالشُّعُورِ ، وَعِنْدَهَا يَنْفَتِحُ عَلَى عَقْلِكَ نَسَمَةٌ مِنَ الْأَسْرَارِ الْمُودَعَةِ تَحْتَ قَوْلِهِ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) .