(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=62ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=63الذين آمنوا وكانوا يتقون nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=64لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=62ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=63الذين آمنوا وكانوا يتقون nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=64لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم )
اعلم أنا بينا أن قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=61وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ) [ يونس : 61 ] مما يقوي قلوب المطيعين ، ومما يكسر قلوب الفاسقين ، فأتبعه الله تعالى بشرح
nindex.php?page=treesubj&link=29404_29411أحوال المخلصين الصادقين الصديقين ، وهو المذكور في هذه الآية . وفيه مسائل :
المسألة الأولى : اعلم أنا نحتاج في تفسير هذه الآية إلى أن نبين أن الولي من هو ؟ ثم نبين تفسير نفي الخوف والحزن عنه .
فنقول : أما إن
nindex.php?page=treesubj&link=29565الوحي من هو ؟ فيدل عليه القرآن والخبر والأثر والمعقول .
أما القرآن ، فهو قوله في هذه الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=63الذين آمنوا وكانوا يتقون ) فقوله : " آمنوا " إشارة إلى كمال حال القوة النظرية ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=63وكانوا يتقون ) إشارة إلى كمال حال القوة العملية .
وفيه مقام آخر ، وهو أن
nindex.php?page=treesubj&link=28647يحمل الإيمان على مجموع الاعتقاد والعمل ، ثم نصف الولي بأنه كان متقيا في الكل .
أما التقوى في موقف العلم فلأن جلال الله أعلى من أن يحيط به عقل البشر ، فالصديق إذا وصف الله سبحانه بصفة من صفات الجلال ، فهو يقدس الله عن أن يكون كماله وجلاله مقتصرا على ذلك المقدار الذي عرفه ووصفه به ، وإذا عبد الله تعالى فهو يقدس الله تعالى عن أن تكون الخدمة اللائقة بكبريائه متقدرة بذلك المقدار . فثبت أنه أبدا يكون في مقام الخوف والتقوى .
وأما الأخبار فكثيرة : روى
عمر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
هم قوم تحابوا في الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها ، فوالله إن وجوههم لنور ، وإنهم لعلى منابر من نور ، لا يخافون إذا خاف الناس ، ولا يحزنون إذا حزن الناس " ثم قرأ هذه الآية .
وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012932هم الذين يذكر الله تعالى برؤيتهم " .
قال أهل التحقيق : السبب فيه أن مشاهدتهم تذكر أمر الآخرة لما يشاهد فيهم من آيات الخشوع والخضوع ، ولما ذكر الله تعالى سبحانه في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) [ الفتح : 29 ] .
وأما الأثر : فقال
أبو بكر الأصم :
nindex.php?page=treesubj&link=30516_29411أولياء الله هم الذين تولى الله تعالى هدايتهم بالبرهان ، وتولوا القيام بحق عبودية الله تعالى والدعوة إليه .
وأما المعقول فنقول : ظهر في علم الاشتقاق أن تركيب الواو واللام والياء يدل على معنى القرب ، فولي كل شيء هو الذي يكون قريبا منه ، والقرب من الله تعالى بالمكان والجهة محال ، فالقرب منه إنما يكون إذا كان القلب مستغرقا في نور معرفة الله تعالى سبحانه ، فإن رأى رأى دلائل قدرة الله ، وإن سمع سمع آيات الله ، وإن نطق نطق بالثناء على الله ، وإن تحرك تحرك في خدمة الله ، وإن اجتهد اجتهد في طاعة الله ، فهنالك يكون في غاية القرب من الله ، فهذا الشخص يكون وليا لله تعالى ، وإذا كان
[ ص: 102 ] كذلك كان الله تعالى وليا له أيضا كما قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) [ البقرة : 257 ] ويجب أن يكون الأمر كذلك ; لأن القرب لا يحصل إلا من الجانبين .
وقال المتكلمون :
nindex.php?page=treesubj&link=29405_29550ولي الله من يكون آتيا بالاعتقاد الصحيح المبني على الدليل ويكون آتيا بالأعمال الصالحة على وفق ما وردت به الشريعة ، فهذا كلام مختصر في تفسير الولي .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=62أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=63الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=64لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=62أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=63الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=64لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )
اعْلَمْ أَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=61وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ ) [ يُونُسَ : 61 ] مِمَّا يُقَوِّي قُلُوبَ الْمُطِيعِينَ ، وَمِمَّا يَكْسِرُ قُلُوبَ الْفَاسِقِينَ ، فَأَتْبَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِشَرْحِ
nindex.php?page=treesubj&link=29404_29411أَحْوَالِ الْمُخْلِصِينَ الصَّادِقِينَ الصِّدِّيقِينَ ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ . وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اعْلَمْ أَنَّا نَحْتَاجُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى أَنْ نُبَيِّنَ أَنَّ الْوَلِيَّ مَنْ هُوَ ؟ ثُمَّ نُبَيِّنَ تَفْسِيرَ نَفْيِ الْخَوْفِ وَالْحُزْنِ عَنْهُ .
فَنَقُولُ : أَمَّا إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29565الْوَحْيَ مَنْ هُوَ ؟ فَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَالْخَبَرُ وَالْأَثَرُ وَالْمَعْقُولُ .
أَمَّا الْقُرْآنُ ، فَهُوَ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=63الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) فَقَوْلُهُ : " آمَنُوا " إِشَارَةٌ إِلَى كَمَالِ حَالِ الْقُوَّةِ النَّظَرِيَّةِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=63وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) إِشَارَةٌ إِلَى كَمَالِ حَالِ الْقُوَّةِ الْعَمَلِيَّةِ .
وَفِيهِ مَقَامٌ آخَرُ ، وَهُوَ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28647يُحْمَلَ الْإِيمَانُ عَلَى مَجْمُوعِ الِاعْتِقَادِ وَالْعَمَلِ ، ثُمَّ نَصِفَ الْوَلِيَّ بِأَنَّهُ كَانَ مُتَّقِيًا فِي الْكُلِّ .
أَمَّا التَّقْوَى فِي مَوْقِفِ الْعِلْمِ فَلِأَنَّ جَلَالَ اللَّهِ أَعْلَى مِنْ أَنْ يُحِيطَ بِهِ عَقْلُ الْبَشَرِ ، فَالصِّدِّيقُ إِذَا وَصَفَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْجَلَالِ ، فَهُوَ يُقَدِّسُ اللَّهَ عَنْ أَنْ يَكُونَ كَمَالُهُ وَجَلَالُهُ مُقْتَصِرًا عَلَى ذَلِكَ الْمِقْدَارِ الَّذِي عَرَفَهُ وَوَصَفَهُ بِهِ ، وَإِذَا عَبَدَ اللَّهَ تَعَالَى فَهُوَ يُقَدِّسُ اللَّهَ تَعَالَى عَنْ أَنْ تَكُونَ الْخِدْمَةُ اللَّائِقَةُ بِكِبْرِيَائِهِ مُتَقَدِّرَةً بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ . فَثَبَتَ أَنَّهُ أَبَدًا يَكُونُ فِي مَقَامِ الْخَوْفِ وَالتَّقْوَى .
وَأَمَّا الْأَخْبَارُ فَكَثِيرَةٌ : رَوَى
عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا فِي اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا ، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ ، وَإِنَّهُمْ لَعَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ " ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ .
وَعَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012932هُمُ الَّذِينَ يُذْكَرُ اللَّهُ تَعَالَى بِرُؤْيَتِهِمْ " .
قَالَ أَهْلُ التَّحْقِيقِ : السَّبَبُ فِيهِ أَنَّ مُشَاهَدَتَهُمْ تُذَكِّرُ أَمْرَ الْآخِرَةِ لِمَا يُشَاهَدُ فِيهِمْ مِنْ آيَاتِ الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ ، وَلِمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى سُبْحَانَهُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) [ الْفَتْحِ : 29 ] .
وَأَمَّا الْأَثَرُ : فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ :
nindex.php?page=treesubj&link=30516_29411أَوْلِيَاءُ اللَّهِ هُمُ الَّذِينَ تَوَلَّى اللَّهُ تَعَالَى هِدَايَتَهُمْ بِالْبُرْهَانِ ، وَتَوَلَّوُا الْقِيَامَ بِحَقِّ عُبُودِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهِ .
وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَنَقُولُ : ظَهَرَ فِي عِلْمِ الِاشْتِقَاقِ أَنَّ تَرْكِيبَ الْوَاوِ وَاللَّامِ وَالْيَاءِ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الْقُرْبِ ، فَوَلِيُّ كُلِّ شَيْءٍ هُوَ الَّذِي يَكُونُ قَرِيبًا مِنْهُ ، وَالْقُرْبُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِالْمَكَانِ وَالْجِهَةِ مُحَالٌ ، فَالْقُرْبُ مِنْهُ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا كَانَ الْقَلْبُ مُسْتَغْرِقًا فِي نُورِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى سُبْحَانَهُ ، فَإِنْ رَأَى رَأَى دَلَائِلَ قُدْرَةِ اللَّهِ ، وَإِنْ سَمِعَ سَمِعَ آيَاتِ اللَّهِ ، وَإِنْ نَطَقَ نَطَقَ بِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ ، وَإِنْ تَحَرَّكَ تَحَرَّكَ فِي خِدْمَةِ اللَّهِ ، وَإِنِ اجْتَهَدَ اجْتَهَدَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ ، فَهُنَالِكَ يَكُونُ فِي غَايَةِ الْقُرْبِ مِنَ اللَّهِ ، فَهَذَا الشَّخْصُ يَكُونُ وَلِيًّا لِلَّهِ تَعَالَى ، وَإِذَا كَانَ
[ ص: 102 ] كَذَلِكَ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى وَلِيًّا لَهُ أَيْضًا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) [ الْبَقَرَةِ : 257 ] وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ الْقُرْبَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا مِنَ الْجَانِبَيْنِ .
وَقَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ :
nindex.php?page=treesubj&link=29405_29550وَلِيُّ اللَّهِ مَنْ يَكُونُ آتِيًا بِالِاعْتِقَادِ الصَّحِيحِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الدَّلِيلِ وَيَكُونُ آتِيًا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ عَلَى وَفْقِ مَا وَرَدَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ ، فَهَذَا كَلَامٌ مُخْتَصَرٌ فِي تَفْسِيرِ الْوَلِيِّ .