الأول : قوله : ( من ورائه جهنم ) وفيه إشكال وهو أن المراد : أمامه جهنم ، فكيف أطلق لفظ الوراء على القدام والأمام ؟
وأجابوا عنه من وجوه :
الأول : أن لفظ " وراء " اسم لما يوارى عنك ، وقدام وخلف متوار عنك ، فصح إطلاق لفظ " وراء " على كل واحد منهما . قال الشاعر :
عسى الكرب الذي أمسيت فيه يكون وراءه فرج قريب
ويقال أيضا : الموت وراء كل أحد .
الثاني : قال أبو عبيدة وابن السكيت : الوراء من الأضداد يقع على الخلف والقدام ، والسبب فيه أن كل ما كان خلفا فإنه يجوز أن ينقلب قداما وبالعكس ، فلا جرم جاز وقوع لفظ الوراء على القدام ، ومنه قوله تعالى : ( وكان وراءهم ملك يأخذ ) [ الكهف : 79 ] أي أمامهم ، ويقال : الموت من وراء الإنسان .
الثاني : قال ابن الأنباري " وراء " بمعنى بعد . قال الشاعر :
وليس وراء الله للمرء مذهب
أي وليس بعد الله مذهب .
إذا ثبت هذا فنقول : إنه تعالى حكم عليه بالخيبة في قوله : ( وخاب كل جبار عنيد ) .
ثم قال : ( من ورائه جهنم ) أي ومن بعد الخيبة يدخل جهنم .


