( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين  وإن جهنم لموعدهم أجمعين  لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم    ) . 
قوله تعالى : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين  وإن جهنم لموعدهم أجمعين  لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم    ) . 
 [ ص: 151 ] اعلم أن إبليس لما قال : ( لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين  إلا عبادك منهم المخلصين    ) أوهم هذا الكلام أن له سلطانا على عباد الله الذين يكونون من المخلصين ، فبين تعالى في هذه الآية أنه ليس له سلطان على أحد من عبيد الله  سواء كانوا مخلصين أو لم يكونوا مخلصين ، بل من اتبع منهم إبليس باختياره صار متبعا له ، ولكن حصول تلك المتابعة أيضا ليس لأجل أن إبليس يقهره على تلك المتابعة أو يجبره عليها والحاصل في هذا القول : أن إبليس أوهم أن له على بعض عباد الله سلطانا ، فبين تعالى كذبه فيه ، وذكر أنه ليس له على أحد منهم سلطان ولا قدرة أصلا ، ونظير هذه الآية قوله تعالى حكاية عن إبليس أنه قال : ( وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي    ) [إبراهيم : 22] وقال تعالى في آية أخرى : ( إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون  إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون    ) [النحل : 100] قال الجبائي    : هذه الآية تدل على بطلان قول من زعم أن الشيطان والجن يمكنهم صرع الناس ، وإزالة عقولهم كما يقوله العامة ، وربما نسبوا ذلك إلى السحرة قال : وذلك خلاف ما نص الله تعالى عليه ، وفي الآية قول آخر ، وهو أن إبليس لما قال : ( إلا عبادك منهم المخلصين    ) فذكر أنه لا يقدر على إغواء المخلصين صدقه الله في هذا الاستثناء فقال : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين    ) فلهذا قال الكلبي    : العباد المذكورون في هذه الآية هم الذين استثناهم إبليس . 
واعلم أن على القول الأول يمكن أن يكون قوله : ( إلا من اتبعك    ) استثناء ; لأن المعنى : أن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ، فإن لك عليهم سلطانا بسبب كونهم منقادين لك في الأمر والنهي . 
وأما على القول الثاني فيمتنع أن يكون استثناء ، بل تكون لفظة ( إلا ) بمعنى لكن ، وقوله : ( وإن جهنم لموعدهم أجمعين    ) قال  ابن عباس    : يريد إبليس وأشياعه ، ومن اتبعه من الغاوين   . 
				
						
						
