( ذكر رحمة ربك عبده زكريا    ) 
قوله تعالى : ( ذكر رحمة ربك عبده زكريا     ) 
فيه مسائل : 
المسألة الأولى : في لفظة " ذكر " أربع قراءات صيغة المصدر أو الماضي مخففة أو مشددة أو الأمر ، أما صيغة المصدر فلا بد فيها من كسر رحمة ربك على الإضافة ثم فيها ثلاثة أوجه : 
أحدها : نصب الدال من " عبده " والهمزة من " زكرياء    " وهو المشهور . 
وثانيها : برفعهما والمعنى وتلك الرحمة هي عبده زكرياء  عن ابن عامر    . 
 [ ص: 153 ] وثالثها : بنصب الأول وبرفع الثاني والمعنى رحمة ربك عبده وهو زكرياء    . 
وأما صيغة الماضي بالتشديد فلا بد فيها من نصب : رحمة . وأما صيغة الماضي بالتخفيف ففيها وجهان : 
أحدهما : رفع الباء من " ربك " ، والمعنى ذكر ربك عبده زكرياء    . 
وثانيها : نصب الباء من " ربك " والرفع في عبده زكرياء  ، وذلك بتقديم المفعول على الفاعل ، وهاتان القراءتان للكلبي ، وأما صيغة الأمر فلا بد من نصب رحمة وهي قراءة  ابن عباس  ، واعلم أن على تقدير جعله صيغة المصدر والماضي ؛ يكون التقدير هذا المتلو من القرآن ذكر رحمة ربك . 
المسألة الثانية : يحتمل أن يكون المراد من قوله " رحمة ربك " أعني عبده زكرياء  ثم في كونه رحمة وجهان : 
أحدهما : أن يكون رحمة على أمته ؛ لأنه هداهم إلى الإيمان والطاعات . 
والآخر : أن يكون رحمة على نبينا محمد    -صلى الله عليه وسلم- وعلى أمة محمد  لأن الله تعالى لما شرح لمحمد    -صلى الله عليه وسلم- طريقه في الإخلاص والابتهال في جميع الأمور إلى الله تعالى صار ذلك لفظا داعيا له ولأمته إلى تلك الطريقة فكان زكرياء  رحمة ، ويحتمل أن يكون المراد أن هذه السورة فيها ذكر الرحمة التي رحم بها عبده زكرياء    . 
				
						
						
