[ ص: 112 ]
( ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين )
قوله تعالى : ( ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين )
اعلم أنه سبحانه لما بين أنه هو الملك الحق لا إله إلا هو ، أتبعه بأن من حيث لا برهان لهم فيه، ونبه بذلك على أن كل ما لا برهان فيه لا يجوز إثباته، وذلك يوجب صحة النظر وفساد التقليد، ثم ذكر أن من قال بذلك فجزاؤه العقاب العظيم بقوله: ( من ادعى إلها آخر فقد ادعى باطلا فإنما حسابه عند ربه ) كأنه قال: إن عقابه بلغ إلى حيث لا يقدر أحد على حسابه إلا الله تعالى ، وقرئ (أنه لا يفلح) بفتح الهمزة، ومعناه حسابه عدم الفلاح. جعل فاتحة السورة ( قد أفلح المؤمنون ) [المؤمنون: 1] وخاتمتها ( إنه لا يفلح الكافرون ) فشتان ما بين الفاتحة والخاتمة.
ثم أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقول: رب اغفر وارحم، ويثني عليه بأنه خير الراحمين، وقد تقدم بيان أنه سبحانه خير الراحمين، فإن قيل: كيف تتصل هذه الخاتمة بما قبلها؟ قلنا: لأنه سبحانه لما شرح أحوال الكفار في جهلهم في الدنيا وعذابهم في الآخرة أمر بالانقطاع إلى الله تعالى والالتجاء إلى دلائل غفرانه ورحمته، فإنهما هما العاصمان عن كل الآفات والمخافات، وروي أن أول سورة ( قد أفلح ) وآخرها من كنوز العرش ، من عمل بثلاث آيات من أولها واتعظ بأربع من آخرها ، فقد نجا وأفلح. والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب، والحمد لله وحده وصلاته على خير خلقه سيدنا محمد وآله وأصحابه وأزواجه وعترته وأهل بيته.