البحث الأول : في الرمي وفيه مسائل : 
المسألة الأولى : ألفاظ القذف  تنقسم إلى صريح وكناية وتعريض ، فالصريح أن يقول يا زانية أو زنيت أو زنى قبلك أو دبرك ، ولو قال زنى بدنك  فيه وجهان : 
أحدها : أنه كناية كقوله : زنى يدك ، لأن حقيقة الزنا من الفرج فلا يكون من سائر البدن إلا المعونة . 
والثاني : وهو الأصح أنه صريح ، لأن الفعل إنما يصدر من جملة البدن . والفرج آلة في الفعل . أما الكنايات فمثل أن يقول يا فاسقة ، يا فاجرة ، يا خبيثة ، يا مؤاجرة ، يا ابنة الحرام ، أو امرأتي لا ترد يد لامس ، وبالعكس فهذا لا يكون قذفا إلا أن يريده ، وكذلك لو قال لعربي يا نبطي  ، فهذا لا يكون قذفا إلا أن يريده ، فإن أراد به القذف فهو قذف لأم المقول له وإلا فلا ، فإن قال عنيت به نبطي الدار واللسان ، وادعت أم المقول له أنه أراد القذف ، فالقول قوله مع يمينه . أما التعريض فليس بقذف وإن أراده ، وذلك مثل قوله : يا ابن الحلال ، أما أنا فما زنيت وليست أمي زانية ، وهذا قول  الشافعي   وأبي حنيفة  وأبي يوسف  ومحمد   وزفر  وابن شبرمة   والثوري  والحسن بن صالح  رحمهم الله . 
وقال مالك  رحمه الله : يجب الحد فيه ، وقال أحمد  وإسحق    : هو قذف في حال الغضب دون حال الرضا ، لنا ، أن التعريض بالقذف  محتمل للقذف ولغيره ، فوجب أن لا يجب الحد ، لأن الأصل براءة الذمة فلا يرجع عنه بالشك ، وأيضا فلقوله عليه السلام : ادرؤوا الحدود بالشبهات ولأن الحدود شرعت على خلاف النص النافي للضرر . والإيذاء الحاصل بالتصريح فوق الحاصل بالتعريض ، واحتج المخالف بما روى الأوزاعي  عن  الزهري  عن سالم  عن ابن عمر  قال : كان عمر  يضرب الحد في التعريض   . وروي أيضا أن رجلين استبا في زمن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه فقال أحدهما للآخر : والله ما أنا بزان ولا أمي بزانية ، فاستشار عمر  الناس في ذلك ، فقال قائل : مدح أباه وأمه ، وقال آخرون : قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا ، فجلده عمر  ثمانين جلدة  [ ص: 134 ] ، والجواب : أن في مشاورة عمر  الصحابة في حكم التعريض دلالة على أنه لم يكن عندهم فيه توقيف ، وأنهم قالوا رأيا واجتهادا . 
				
						
						
