المسألة الرابعة : أن الله تعالى ذكر أحد عشر موضعا في هذه الآية :
أولها : قوله : ( ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم ) وفيه سؤال وهو أن يقال أي فائدة في إباحة أكل الإنسان طعامه في بيته ؟ وجوابه : المراد في بيوت أزواجكم وعيالكم أضافه إليهم ، لأن بيت المرأة كبيت الزوج ، وهذا قول الفراء . وقال : أراد بيوت أولادهم فنسب بيوت الأولاد إلى الآباء ؛ لأن الولد كسب والده وماله كماله ، قال عليه السلام : ابن قتيبة إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه ، وإن ولده من كسبه والدليل على هذا أنه سبحانه وتعالى عدد الأقارب ولم يذكر الأولاد ؛ لأنه إذا كان سبب الرخصة هو القرابة كان الذي هو أقرب منهم أولى .
وثانيها : بيوت الآباء .
وثالثها : بيوت الأمهات .
ورابعها : بيوت الإخوان .
وخامسها : بيوت الأخوات .
وسادسها : بيوت الأعمام .
وسابعها : بيوت العمات .
وثامنها : بيوت الأخوال .
وتاسعها : بيوت الخالات .
وعاشرها : قوله تعالى : ( أو ما ملكتم مفاتحه ) وقرئ "مفتاحه" وفيه وجوه :
الأول : قال رضي الله عنهما : ابن عباس ، ويشرب من لبن ماشيته ، وملك المفاتح كونها في يده وفي حفظه . وكيل الرجل وقيمه في ضيعته وماشيته ، لا بأس عليه أن يأكل من ثمر ضيعته
الثاني : قال الضحاك : يريد الزمنى الذين كانوا يحرسون للغزاة .
الثالث : المراد بيوت المماليك لأن [ ص: 33 ] مال العبد لمولاه ، قال الفضل : المفاتح واحدها مفتح بفتح الميم ، وواحد المفاتيح مفتح بالكسر .
الحادي عشر : قوله : ( أو صديقكم ) والمعنى أو بيوت أصدقائكم ، والصديق يكون واحدا وجمعا ، وكذلك الخليط والقطين والعد ، ويحكى عن الحسن أنه دخل داره وإذا حلقة من أصدقائه وقد أخرجوا سلالا من تحت سريره فيها الخبيص وأطايب الأطعمة وهم مكبون عليها يأكلون ، فتهللت أسارير وجهه سرورا وضحك وقال : هكذا وجدناهم يريد كبراء الصحابة . وعن رضي الله عنهما : الصديق أكثر من الوالدين ، لأن أهل الجنة لما استغاثوا لم يستغيثوا بالآباء والأمهات بل بالأصدقاء ، فقالوا : ما لنا من شافعين ولا صديق حميم ، وحكي أن أخا ابن عباس للربيع بن خيثم في الله دخل منزله في حال غيبته فانبسط إلى جاريته حتى قدمت إليه ما أكل ، فلما عاد أخبرته بذلك ، فلسروره بذلك قال إن صدقت فأنت حرة .