[ ص: 11 ] ( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون )
قوله تعالى : ( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون )
اعلم أنه تعالى لما بين من قبل استحقاقه للحمد على وجه الإجمال بقوله : ( وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون ) فصل عقيب ذلك ببعض ما يجب أن يحمد عليه مما لا يقدر عليه سواه ، فقال لرسوله : ( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة ) فنبه على أن الوجه في كون ؛ لأن المرء في الدنيا وفي حال التكليف مدفوع إلى أن يتعب لتحصيل ما يحتاج إليه ، ولا يتم له ذلك لولا ضوء النهار ، ولأجله يحصل الاجتماع فيمكن المعاملات ، ومعلوم أن ذلك لا يتم لولا الراحة والسكون بالليل فلا بد منهما والحالة هذه ، فأما في الجنة فلا نصب ولا تعب فلا حاجة بهم إلى الليل فلذلك يدوم لهم الضياء واللذات ، فبين تعالى أنه لا قادر على ذلك إلا الله تعالى ، وإنما قال : ( الليل والنهار نعمتان يتعاقبان على الزمان أفلا تسمعون ) ، ( أفلا تبصرون ) لأن الغرض من ذلك الانتفاع بما يسمعون ويبصرون من جهة التدبر ، فلما لم ينتفعوا نزلوا منزلة من لا يسمع ولا يبصر ، قال الكلبي قوله : ( أفلا تسمعون ) معناه أفلا تطيعون من يفعل ذلك ، وقوله : ( أفلا تبصرون ) معناه أفلا تبصرون ما أنتم عليه من الخطأ والضلال ، قال صاحب "الكشاف" السرمد الدائم المتصل من السرد وهو المتابعة ، ومنه قولهم : في الأشهر الحرم ثلاثة سرد ، وواحد فرد ، فإن قيل : هلا قال : بنهار تتصرفون فيه ، كما قيل : بليل تسكنون فيه ؟ قلنا ذكر الضياء وهو ضوء الشمس ؛ لأن المنافع التي تتعلق به متكاثرة ، ليس التصرف في المعاش وحده ، والظلام ليس بتلك المنزلة ، وإنما قرن بالضياء أفلا تسمعون ؛ لأن السمع يدرك ما لا يدركه البصر من درك منافعه ووصف فوائده ، وقرن بالليل أفلا تبصرون ؛ لأن غيرك يدرك من منفعة الظلام ما تبصره أنت من السكون ونحوه ، ومن رحمته زاوج بين الليل والنهار لأغراض ثلاثة لتسكنوا في أحدهما وهو الليل ، ولتبتغوا من فضله في الآخر وهو النهار المنفعتين معا . ولأداء الشكر على