( وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين )
ثم قال تعالى : ( وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين )
لما فرغ من بيان التوحيد أتى بعده بالتهديد فقال : ( وإن تكذبوا ) وفي المخاطب في هذه الآية وجهان :
أحدهما : أنه قوم إبراهيم ، والآية حكاية عن قوم إبراهيم كأن إبراهيم قال لقومه : ( وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم ) وأنا أتيت بما علي من التبليغ فإن . الرسول ليس عليه إلا البلاغ والبيان
والثاني : أنه خطاب مع قوم محمد عليه السلام ، ووجهه أن الحكايات أكثرها إنما تكون لمقاصد لكنها تنسى لطيب الحكاية ولهذا كثيرا ما يقول الحاكي لأي شيء حكيت هذه الحكاية فالنبي عليه السلام كان مقصوده تذكير قومه بحال من مضى حتى يمتنعوا من التكذيب ويرتدعوا خوفا من التعذيب ، فقال في أثناء حكايتهم : يا قوم إن تكذبوا فقد كذب قبلكم أقوام وأهلكوا ، فإن كذبتم أخاف عليكم ما جاء على غيركم ، وعلى الوجه الأول في الآية مسائل :
[ ص: 41 ] المسألة الأولى : أن قوله : ( فقد كذب أمم ) كيف يفهم ، مع أن إبراهيم لم يسبقه إلا قوم نوح وهم أمة واحدة ؟ والجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أن نوح كان أقوام كقوم إدريس ، وقوم شيث وآدم . قبل
والثاني : أن نوحا عاش ألفا وأكثر وكان القرن يموت ، ويجيء أولاده والآباء يوصون الأبناء بالامتناع عن الاتباع فكفى بقوم نوح أمما .
المسألة الثانية : البلاغ ) وما ( المبين ) ؟ فنقول : البلاغ هو ذكر المسائل ، والإبانة هي : إقامة البرهان عليه . ما (
المسألة الثالثة : الآية تدل على أن لا يجوز لأن الرسول إذا بلغ شيئا ولم يبينه فإنه لم يأت بالبلاغ المبين ، فلا يكون آتيا بما عليه . تأخير البيان عن وقت الحاجة