( وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين )
ثم قال تعالى : ( وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين )
[ ص: 69 ] لما فرغ من ذكر دليل من جانب النبي - عليه السلام - ذكر شبهتهم وهي بذكر الفرق بين المقيس عليه والمقيس ، فقالوا إنك تقول إنه أنزل إليك كتاب كما أنزل إلى موسى وعيسى ، وليس كذلك ; لأن موسى أوتي تسع آيات علم بها كون الكتاب من عند الله وأنت ما أوتيت شيئا منها ، ثم إن الله تعالى أرشد نبيه إلى أجوبة هذه الشبهة منها قوله : ( إنما الآيات عند الله ) ووجهه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ادعى الرسالة ; لأن الرسول يرسل أولا ويدعو إلى الله ، ثم إن توقف الخلق في قبوله أو طلبوا منه دليلا ، فالله إن رحمهم بين رسالته وإن لم يرحمهم لا يبين ، فقال أنا الساعة رسول ، وأما الآية فالله إن أراد ينزلها وإن لم يرد لا ينزلها ; وهذا لأن ما هو من ضرورات الشيء إذا خلق الله الشيء لا بد من أن يخلقها كالمكان من ضرورات الإنسان فلا يخلق الله إنسانا إلا ويكون قد خلق مكانا أو يخلقه معه ، لكن الرسالة والمعجزة ليستا كذلك ، فالله إذا خلق رسولا وجعله رسولا ليس من ضروراته أن تعلم له معجزة ، ولهذا علم وجود رسل وليس من شرط الرسالة الآية المعجزة كشيث وإدريس وشعيب ولم تعلم لهم معجزة ، فإن قيل علم رسالتهم ، نقول من ثبتت رسالته بلا معجزة فنبينا كذلك لا حاجة له إلى معجزة ; لأن رسالته علمت بقول موسى وعيسى فتبين بطلان قولهم لم لم ينزل عليه آية ؟ وهذا لأنهم طلبوا سبق الآية وليست شرطا حتى تسبقها ، بلى إن كان لهم سؤال فطريقه أن يقولوا يا أيها المدعي نحن لا نكذبك ولا نصدقك لكنا نريد أن يبين الله لنا آية تخلصنا من تصديق المتنبي وتكذيب النبي ، ونعلم بها كونك نبيا ونؤمن بك ، فبعد ذلك ما كان يبعد من رحمة الله أن ينزل آية .
ثم وإنما أنا نذير مبين ) معناه أن الآية عند الله ينزلها أو لا ينزلها لا تتعلق بي ما أنا إلا نذير ، وليس لي عليه حكم بشيء ، ثم إنه بعد بيان فساد شبهتهم من وجه بين فسادها من وجه آخر ، وقال : هب أن إنزال الآية شرط لكنه وجد وهو في نفس الكتاب . قوله : (