(
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=41ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )
ثم إنه تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=41ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )
وجه تعلق هذه الآية بما قبلها هو أن
nindex.php?page=treesubj&link=28675_29434الشرك سبب الفساد كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=22لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) [ الأنبياء : 22 ] وإذا كان الشرك سببه جعل الله إظهارهم الشرك مورثا لظهور الفساد ، ولو فعل بهم ما يقتضيه قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=71لفسدت السماوات والأرض ) [ المؤمنون : 71 ] كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا ) [ مريم : 90 ] وإلى هذا أشار بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=41ليذيقهم بعض الذي عملوا ) واختلفت الأقوال في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=41في البر والبحر ) فقال بعض المفسرين : المراد خوف الطوفان في البر والبحر ، وقال بعضهم : عدم إنبات بعض الأراضي وملوحة مياه البحار ، وقال آخرون : المراد من البحر المدن ، فإن العرب تسمي المدائن بحورا لكون مبنى عمارتها على الماء ، ويمكن أن يقال إن ظهور الفساد في البحر قلة مياه العيون فإنها من البحار ، واعلم أن كل فساد يكون فهو بسبب الشرك ، لكن
nindex.php?page=treesubj&link=10024_28675الشرك قد يكون في العمل دون القول والاعتقاد فيسمى فسقا وعصيانا ؛ وذلك لأن المعصية فعل لا يكون لله بل يكون للنفس ، فالفاسق مشرك بالله بفعله ، غاية ما في الباب أن
nindex.php?page=treesubj&link=28675_30431الشرك بالفعل لا يوجب الخلود ; لأن أصل المرء قلبه ولسانه ، فإذا لم يوجد منهما إلا التوحيد يزول الشرك البدني بسببهما ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=41ليذيقهم بعض الذي عملوا ) قد ذكرنا أن ذلك ليس تمام جزائهم وكل موجب افترائهم ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=41لعلهم يرجعون ) يعني كما يفعله المتوقع رجوعهم مع أن الله يعلم أن من أضله لا يرجع ، لكن الناس يظنون أنه لو فعل بهم شيء من ذلك لكان يوجد منهم الرجوع ، كما أن السيد إذا علم من عبده أنه لا يرتدع بالكلام ، فيقول القائل لماذا لا تؤدبه بالكلام ؟ فإذا قال لا ينفع ، ربما يقع في وهمه أنه لا يبعد عن نفع ، فإذا زجره ولم يرتدع يظهر له صدق كلام السيد ويطمئن قلبه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=41ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=41ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )
وَجْهُ تَعَلُّقِ هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا هُوَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28675_29434الشِّرْكَ سَبَبُ الْفَسَادِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=22لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ) [ الْأَنْبِيَاءِ : 22 ] وَإِذَا كَانَ الشِّرْكُ سَبَبُهُ جَعْلُ اللَّهِ إِظْهَارَهُمُ الشِّرْكَ مُوَرِّثًا لِظُهُورِ الْفَسَادِ ، وَلَوْ فَعَلَ بِهِمْ مَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=71لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ) [ الْمُؤْمِنُونَ : 71 ] كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ) [ مَرْيَمَ : 90 ] وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=41لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا ) وَاخْتَلَفَتِ الْأَقْوَالُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=41فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ) فَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ : الْمُرَادُ خَوْفُ الطُّوفَانِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : عَدَمُ إِنْبَاتِ بَعْضِ الْأَرَاضِي وَمُلُوحَةِ مِيَاهِ الْبِحَارِ ، وَقَالَ آخَرُونَ : الْمُرَادُ مِنَ الْبَحْرِ الْمُدُنُ ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الْمَدَائِنَ بُحُورًا لِكَوْنِ مَبْنَى عِمَارَتِهَا عَلَى الْمَاءِ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ ظُهُورَ الْفَسَادِ فِي الْبَحْرِ قِلَّةُ مِيَاهِ الْعُيُونِ فَإِنَّهَا مِنَ الْبِحَارِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ فَسَادٍ يَكُونُ فَهُوَ بِسَبَبِ الشِّرْكِ ، لَكِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=10024_28675الشِّرْكَ قَدْ يَكُونُ فِي الْعَمَلِ دُونَ الْقَوْلِ وَالِاعْتِقَادِ فَيُسَمَّى فِسْقًا وَعِصْيَانًا ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ فِعْلٌ لَا يَكُونُ لِلَّهِ بَلْ يَكُونُ لِلنَّفْسِ ، فَالْفَاسِقُ مُشْرِكٌ بِاللَّهِ بِفِعْلِهِ ، غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28675_30431الشِّرْكَ بِالْفِعْلِ لَا يُوجِبُ الْخُلُودَ ; لِأَنَّ أَصْلَ الْمَرْءِ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا إِلَّا التَّوْحِيدُ يَزُولُ الشِّرْكُ الْبَدَنِيُّ بِسَبَبِهِمَا ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=41لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا ) قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ تَمَامَ جَزَائِهِمْ وَكُلَّ مُوجِبِ افْتِرَائِهِمْ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=41لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) يَعْنِي كَمَا يَفْعَلُهُ الْمُتَوَقِّعُ رُجُوعَهُمْ مَعَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ مَنْ أَضَلَّهُ لَا يَرْجِعُ ، لَكِنَّ النَّاسَ يَظُنُّونَ أَنَّهُ لَوْ فُعِلَ بِهِمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَكَانَ يُوجَدُ مِنْهُمُ الرُّجُوعُ ، كَمَا أَنَّ السَّيِّدَ إِذَا عَلِمَ مِنْ عَبْدِهِ أَنَّهُ لَا يَرْتَدِعُ بِالْكَلَامِ ، فَيَقُولُ الْقَائِلُ لِمَاذَا لَا تُؤَدِّبُهُ بِالْكَلَامِ ؟ فَإِذَا قَالَ لَا يَنْفَعُ ، رُبَّمَا يَقَعُ فِي وَهْمِهِ أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ عَنْ نَفْعٍ ، فَإِذَا زَجَرَهُ وَلَمْ يَرْتَدِعْ يَظْهَرُ لَهُ صِدْقُ كَلَامِ السَّيِّدِ وَيَطْمَئِنُّ قَلْبُهُ .