( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون    ) 
فقال تعالى : ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون    ) 
يعني لا بد من الموت ثم من الحياة بعده  ، وإليه الإشارة بقوله : ( ثم إلى ربكم ترجعون    ) ، وقوله : ( ثم إلى ربكم ترجعون    ) إشارة إلى أنه لا يغفل عنكم ، وإذا جاء أجلكم لا يؤخركم إذ لا شغل له إلا هذا ، وقوله : ( يتوفاكم ملك الموت    ) ينبئ عن بقاء الأرواح ، فإن التوفي الاستيفاء ، والقبض هو الأخذ ، والإعدام المحض ليس بأخذ ، ثم إن الروح الزكي الطاهر يبقى عند الملائكة مثل الشخص بين أهله المناسبين له ، والخبيث الفاجر يبقى عندهم كأسير بين قوم لا يعرفهم ولا يعرف لسانهم ، والأول ينمو ويزيد ويزداد صفاؤه وقوته والآخر يذبل ويضعف ويزداد شقاؤه وكدورته . والحكماء يقولون : إن الأرواح الطاهرة تتعلق بجسم سماوي خير من بدنها وتكمل به ، والأرواح الفاجرة لا كمال لها بعد التعلق . 
الثاني : فإن أرادوا ما ذكر بها فقد وافقونا وإلا فيغير النظر في ذلك بحسب إرادتهم ، فقد يكون قولهم حقا وقد يكون غير حق ، فإن قيل : هم أنكروا الإحياء والله ذكر الموت وبينهما مباينة . نقول : فيه وجهان . 
أحدهما : أن ذلك دليل الإحياء ، ودفع استبعاد ذلك فإنهم قالوا : ما عدم بالكلية كيف يكون الموجود عين ذلك ؟ فقال : الملك يقبض الروح والأجزاء تتفرق ، فجمع الأجزاء لا بعد فيه ، وأمر الملك برد ما قبضه لا صعوبة فيه أيضا ، فقوله : ( قل يتوفاكم ملك الموت    ) أي الأرواح معلومة ، فترد إلى أجسادها . 
				
						
						
