( فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون )
قوله تعالى : ( فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون )
المسألة الأولى : قوله : ( فذوقوا بما نسيتم لقاء ) يحتمل أن يكون منصوبا بـ"ذوقوا" أي ذوقوا لقاء يومكم [ ص: 157 ] بما نسيتم ، وعلى هذا يحتمل أن يكون المنسي هو الميثاق الذي أخذ منهم بقوله : ( ألست بربكم قالوا بلى ) [ الأعراف : 172 ] ، أو بما في الفطرة من الوحدانية فينسى بالإقبال على الدنيا والاشتغال بها ، ويحتمل أن يكون منصوبا بقوله : ( نسيتم ) أي بما نسيتم لقاء هذا اليوم ذوقوا ، وعلى هذا لو قال قائل : النسيان لا يكون إلا في المعلوم أولا إذا جهل آخرا . نقول : لما ظهرت براهينه فكأنه ظهر وعلم ، ولما تركوه بعد الظهور ذكر بلفظ النسيان إشارة إلى كونهم منكرين لأمر ظاهر كمن ينكر أمرا كان قد علمه .
المسألة الثانية : قوله تعالى هذا يحتمل ثلاثة أوجه .
أحدها : أن يكون إشارة إلى اليوم أي فذوقوا بما نسيتم لقاء هذا اليوم .
وثانيها : أن يكون إشارة إلى لقاء اليوم أي فذوقوا بما نسيتم هذا اللقاء .
وثالثها : أن يكون إشارة إلى العذاب أي . ثم قال : ( فذوقوا هذا العذاب بما نسيتم لقاء يومكم إنا نسيناكم ) أي تركناكم بالكلية غير ملتفت إليكم كما يفعله الناسي قطعا لرجائكم ، ثم ذكر ما يلزم من تركه إياهم كما يترك الناسي وهو خلود العذاب ؛ لأن من لا يخلصه الله فلا خلاص له ، فقال : ( وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون ) .