( ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما )
ثم قوله تعالى : ( ولا تطع الكافرين والمنافقين ) يقرر قولنا أي اتق الله تقوى تمنعك من طاعتهم .
المسألة الثالثة : لم خص الكافرين والمنافقين بالذكر مع أن ؟ نقول : لوجهين : النبي صلى الله عليه وسلم ينبغي أن لا يطيع أحدا غير الله
أحدهما : أن ذكر الغير لا حاجة إليه لأن غيرهما لا يطلب من النبي عليه الصلاة والسلام الاتباع ، ولا يتوقع أن يصير النبي عليه السلام مطيعا له بل يقصد اتباعه ولا يكون عنده إلا مطاعا .
والثاني : هو أنه تعالى لما قال : ( ولا تطع الكافرين والمنافقين ) منعه من طاعة الكل ؛ لأن كل من طلب من النبي عليه الصلاة والسلام طاعته فهو كافر أو منافق ، لأن من يأمر النبي عليه الصلاة والسلام بأمر أمر إيجاب معتقدا على أنه لو لم يفعله يعاقبه بحق يكون كافرا .
ثم قال تعالى : ( إن الله كان عليما حكيما ) إشارة إلى أن لا تخفي في نفسك تقوى غير الله ، كما يفعله الذي يرى من نفسه الشجاعة حيث يخاف في نفسه ويتجلد ، فإن التقوى من الله وهو عليم ، وقوله : ( التقوى ينبغي تكون عن صميم قلبك حكيما ) إشارة إلى دفع وهم متوهم وهو أن متوهما لو قال : إذا قال الله شيئا ، وقال جميع الكافرين والمنافقين مع أنهم أقارب النبي عليه الصلاة والسلام شيئا آخر ورأوا المصلحة فيه وذكروا وجها معقولا ، فاتباعهم لا يكون إلا مصلحة ، فقال الله تعالى : إنه حكيم . ولا تكون المصلحة إلا في قول الحكيم ، فإذا أمرك الله بشيء فاتبعه ولو منعك أهل العالم عنه .