قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=60لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا .
فيه خمس مسائل :
الأولى :
nindex.php?page=treesubj&link=29004قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=60لئن لم ينته المنافقون أهل التفسير على أن الأوصاف الثلاثة لشيء واحد ; كما روى
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان بن سعيد عن
منصور عن
أبي رزين قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=60المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة قال : هم شيء واحد ، يعني أنهم قد جمعوا هذه الأشياء . والواو مقحمة ، كما قال :
إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم
أراد إلى الملك القرم
ابن الهمام ليث الكتيبة ، وقد مضى في ( البقرة ) . وقيل : كان منهم قوم يرجفون ، وقوم يتبعون النساء للريبة ، وقوم يشككون المسلمين . قال
عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16128وشهر بن حوشب :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=60الذين في قلوبهم مرض يعني الذين في قلوبهم الزنى . وقال
طاوس : نزلت هذه الآية في أمر النساء . وقال
سلمة بن كهيل : نزلت في أصحاب الفواحش ، والمعنى متقارب . وقيل : المنافقون والذين في قلوبهم مرض شيء واحد ، عبر عنهم بلفظين ; دليله آية المنافقين في أول سورة ( البقرة ) . والمرجفون في
المدينة قوم كانوا يخبرون المؤمنين بما يسوءهم من عدوهم ، فيقولون إذا خرجت سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنهم قد قتلوا أو هزموا ، وإن العدو قد أتاكم ، قال
قتادة وغيره . وقيل كانوا يقولون : أصحاب الصفة قوم عزاب ، فهم الذين يتعرضون للنساء . وقيل : هم قوم من المسلمين ينطقون بالأخبار الكاذبة حبا للفتنة . وقد كان في أصحاب الإفك قوم مسلمون ولكنهم خاضوا حبا للفتنة . وقال
ابن عباس : الإرجاف التماس الفتنة ، والإرجاف : إشاعة الكذب والباطل للاغتمام به . وقيل : تحريك القلوب ، يقال : رجفت
[ ص: 223 ] الأرض - أي تحركت وتزلزلت - ترجف رجفا . والرجفان : الاضطراب الشديد . والرجاف : البحر ، سمي به لاضطرابه . قال الشاعر :
المطعمون اللحم كل عشية حتى تغيب الشمس في الرجاف
والإرجاف : واحد أراجيف ، الأخبار . وقد أرجفوا في الشيء ، أي خاضوا فيه . قال الشاعر :
فإنا وإن عيرتمونا بقتله وأرجف بالإسلام باغ وحاسد
وقال آخر :
أبالأراجيف يا بن اللؤم توعدني وفي الأراجيف خلت اللؤم والخور
فالإرجاف حرام ؛ لأن فيه إذاية . فدلت الآية على تحريم الإيذاء بالإرجاف .
الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=29004قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=60لنغرينك بهم أي لنسلطنك عليهم فتستأصلهم بالقتل ، وقال
ابن عباس : لم ينتهوا عن إيذاء النساء وأن الله عز وجل قد أغراه بهم . ثم إنه قال عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=84ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره وإنه أمره بلعنهم ، وهذا هو الإغراء ; وقال
محمد بن يزيد : قد أغراه بهم في الآية التي تلي هذه مع اتصال الكلام بها ، وهو قوله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=61أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا . فهذا فيه معنى الأمر بقتلهم وأخذهم ; أي هذا حكمهم إذا كانوا مقيمين على النفاق والإرجاف وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832405خمس يقتلن في الحل والحرم . فهذا فيه معنى الأمر كالآية سواء .
النحاس : وهذا من أحسن ما قيل في الآية . وقيل : إنهم قد انتهوا عن الإرجاف فلم يغر بهم . ولام
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=60لنغرينك لام القسم ، واليمين واقعة عليها ، وأدخلت اللام في ( إن ) توطئة لها .
الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=29004قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=60ثم لا يجاورونك فيها أي في
المدينة . إلا قليلا نصب على الحال من الضمير في
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=60يجاورونك ; فكان الأمر كما قال تبارك وتعالى ; لأنهم لم يكونوا إلا أقلاء . فهذا أحد جوابي
الفراء ، وهو الأولى عنده ، أي لا يجاورونك إلا في حال قلتهم . والجواب الآخر : أن يكون المعنى إلا وقتا قليلا ، أي لا يبقون معك إلا مدة يسيرة ، أي لا يجاورونك فيها إلا جوارا قليلا حتى يهلكوا ، فيكون نعتا لمصدر أو ظرف محذوف . ودل على أن من كان معك ساكنا بالمدينة فهو جار . وقد مضى في ( النساء ) .
[ ص: 224 ] الرابعة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=61ملعونين هذا تمام الكلام عند
محمد بن يزيد ، وهو منصوب على الحال . وقال
ابن الأنباري :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=60قليلا ملعونين وقف حسن .
النحاس : ويجوز أن يكون التمام إلا قليلا وتنصب
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=61ملعونين على الشتم . كما قرأ
عيسى بن عمر :
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4وامرأته حمالة الحطب . وقد حكي عن بعض النحويين أنه قال : يكون المعنى أينما ثقفوا أخذوا ملعونين . وهذا خطأ لا يعمل ما كان مع المجازاة فيما قبله . وقيل : معنى الآية إن أصروا على النفاق لم يكن لهم مقام
بالمدينة إلا وهم مطرودون ملعونون . وقد فعل بهم هذا ، فإنه لما نزلت سورة ( براءة ) جمعوا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864688يا فلان قم فاخرج فإنك منافق ويا فلان قم فقام إخوانهم من المسلمين وتولوا إخراجهم من المسجد .
الخامسة : قوله تعالى : سنة الله نصب على المصدر ; أي سن الله جل وعز فيمن أرجف بالأنبياء وأظهر نفاقه أن يؤخذ ويقتل .
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=62ولن تجد لسنة الله تبديلا أي تحويلا وتغييرا ، حكاه
النقاش . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : يعني أن من قتل بحق فلا دية على قاتله .
المهدوي : وفي الآية دليل على جواز ترك إنفاذ الوعيد ، والدليل على ذلك بقاء المنافقين معه حتى مات . والمعروف من أهل الفضل إتمام وعدهم وتأخير وعيدهم ، وقد مضى هذا في ( آل عمران ) وغيرها .