[ ص: 190 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=49هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=50جنات عدن مفتحة لهم الأبواب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=51متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=52وعندهم قاصرات الطرف أتراب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=53هذا ما توعدون ليوم الحساب nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=54إن هذا لرزقنا ما له من نفاد )
اعلم أن في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=49ذكر ) وجهين :
الأول : أنه تعالى إنما شرح ذكر أحوال هؤلاء الأنبياء عليهم السلام لأجل أن يصبر
محمد عليه السلام على تحمل سفاهة قومه ، فلما تمم بيان هذا الطريق وأراد أن يذكر عقيبه طريقا آخر يوجب
nindex.php?page=treesubj&link=19581الصبر على سفاهة الجهال ، وأراد أن يميز أحد البابين عن الآخر ، لا جرم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=49هذا ذكر ) ، ثم شرع في تقرير الباب الثاني فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=49وإن للمتقين ) كما أن المصنف إذا تمم كلاما قال هذا باب ، ثم شرع في باب آخر ، وإذا فرغ الكاتب من فصل من كتابه وأراد الشروع في آخر قال : هذا ، وقد كان كيت وكيت ، والدليل عليه أنه لما أتم ذكر أهل الجنة وأراد أن يردفه بذكر أهل النار قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=55هذا وإن للطاغين ) [ص : 55] .
الوجه الثاني في التأويل : أن المراد هذا شرف وذكر جميل لهؤلاء الأنبياء عليهم السلام يذكرون به أبدا ، والأول هو الصحيح .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=49وإن للمتقين لحسن مآب ) .
فاعلم أنه تعالى لما حكى عن كفار
قريش سفاهتهم على النبي صلى الله عليه وسلم بأن وصفوه بأنه ساحر كذاب ، وقالوا له على سبيل الاستهزاء (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16ربنا عجل لنا قطنا ) فعند هذا أمر
محمدا بالصبر على تلك السفاهة ، وبين أن ذلك الصبر لازم من وجهين :
الأول : أنه تعالى لما بين أن
nindex.php?page=treesubj&link=31788_31780الأنبياء المتقدمين صبروا على المكاره والشدائد ، فيجب عليك أن تقتدي بهم في هذا المعنى .
الثاني : أنه تعالى بين في هذه الآية أن من أطاع الله كان له من الثواب كذا وكذا ، ومن خالفه كان له من العقاب كذا وكذا ، وكل ذلك يوجب
nindex.php?page=treesubj&link=19590الصبر على تكاليف الله تعالى ، وهذا نظم حسن وترتيب لطيف .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=49وإن للمتقين لحسن مآب ) المآب المرجع . واحتج
nindex.php?page=treesubj&link=29662القائلون بقدم الأرواح بهذه الآية ، وبكل آية تشتمل على لفظ الرجوع ، ووجه الاستدلال ، أن لفظ الرجوع إنما يصدق لو كانت هذه الأرواح موجودة قبل الأجساد ، وكانت في حضرة جلال الله ثم تعلقت بالأبدان ، فعند انفصالها عن الأبدان يسمى ذلك رجوعا . وجوابه : أن هذا إن دل فإنما يدل على أن الأرواح كانت موجودة قبل الأبدان ، ولا يدل على قدم الأرواح .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=50جنات عدن ) وهو بدل من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=49لحسن مآب ) ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=50مفتحة لهم الأبواب ) وفيه مسائل :
[ ص: 191 ] المسألة الأولى : ذكروا في تأويل هذا اللفظ وجوها :
الأول : قال
الفراء : معناه مفتحة لهم أبوابها ، والعرب تجعل الألف واللام خلفا من الإضافة ، تقول العرب : مررت برجل حسن الوجه ، فالألف واللام في الوجه بدل من الإضافة .
والثاني : قال الزجاج : المعنى : "مفتحة لهم الأبواب" منها .
الثالث : قال صاحب "الكشاف" (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=50الأبواب ) بدل من الضمير ، وتقديره مفتحة هي الأبواب ، كقولك ضرب زيد اليد والرجل ، وهو من بدل الاشتمال .
المسألة الثانية : قرئ : "جنات عدن مفتحة" بالرفع على تقدير أن يكون قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=50جنات عدن ) مبتدأ و"مفتحة" خبره ، وكلاهما خبر مبتدأ محذوف ، أي هو (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=50جنات عدن مفتحة لهم ) .
المسألة الثالثة : اعلم أنه تعالى وصف من
nindex.php?page=treesubj&link=30395أحوال أهل الجنة في هذه الآية أشياء :
الأول : أحوال مساكنهم ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=50جنات عدن ) يدل على أمرين :
أحدهما : كونها جنات وبساتين .
والثاني : كونها دائمة آمنة من الانقضاء .
وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=50مفتحة لهم الأبواب ) وجوه :
الأول : أن يكون المعنى أن الملائكة الموكلين بالجنان إذا رأوا صاحب الجنة فتحوا له أبوابها وحيوه بالسلام ، فيدخل كذلك محفوفا بالملائكة على أعز حال وأجمل هيئة ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=73حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ) [الزمر : 73] .
الثاني : أن تلك الأبواب كلما أرادوا انفتاحها انفتحت لهم ، وكلما أرادوا انغلاقها انغلقت لهم .
الثالث : المراد من هذا الفتح ، وصف تلك المساكن بالسعة ، ومسافرة العيون فيها ، ومشاهدة الأحوال اللذيذة الطيبة .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=51متكئين فيها يدعون فيها ) وفيه مباحث :
البحث الأول : أنه تعالى ذكر في هذه الآية كونهم متكئين في الجنة ، وذكر في سائر الآيات كيفية ذلك الاتكاء ، فقال في آية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56على الأرائك متكئون ) [يس : 56] وقال في آية أخرى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=76متكئين على رفرف خضر ) [الرحمن : 76] .
البحث الثاني : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=51متكئين فيها ) حال قدمت على العامل فيها وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=51يدعون فيها ) والمعنى يدعون في الجنات (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=51متكئين فيها ) ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=51بفاكهة كثيرة وشراب ) والمعنى بألوان الفاكهة وألوان الشراب ، والتقدير بفاكهة كثيرة وشراب كثير ، والسبب في ذكر هذا المعنى أن ديار العرب حارة قليلة الفواكه والأشربة ، فرغبهم الله تعالى فيه .
ولما بين تعالى أمر المسكن وأمر المأكول والمشروب ذكر عقيبه أمر المنكوح ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=52nindex.php?page=treesubj&link=30397_29009وعندهم قاصرات الطرف ) وقد سبق تفسيره في سورة الصافات ، وبالجملة فالمعنى "كونهن قاصرات الطرف" عن غيرهم مقصورات القلب على محبتهم ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=52أتراب ) أي على سن واحد ، ويحتمل كون الجواري أترابا ، ويحتمل كونهن أترابا للأزواج ، قال
القفال : والسبب في اعتبار هذه الصفة ، أنهن لما تشابهن في الصفة والسن والحلية كان الميل إليهن على السوية ، وذلك يقتضي عدم الغيرة .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=53هذا ما توعدون ليوم الحساب ) يعني أن الله تعالى وعد المتقين بالثواب الموصوف بهذه الصفة ، ثم إنه تعالى أخبر عن دوام الثواب فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=54nindex.php?page=treesubj&link=19889_29009إن هذا لرزقنا ما له من نفاد ) .
[ ص: 190 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=49هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=50جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=51مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=52وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=53هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=54إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ )
اعْلَمْ أَنَّ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=49ذِكْرٌ ) وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا شَرَحَ ذِكْرَ أَحْوَالِ هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لِأَجْلِ أَنْ يَصْبِرَ
مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى تَحَمُّلِ سَفَاهَةِ قَوْمِهِ ، فَلَمَّا تَمَّمَ بَيَانَ هَذَا الطَّرِيقِ وَأَرَادَ أَنْ يَذَكُرَ عَقِيبَهُ طَرِيقًا آخَرَ يُوجِبُ
nindex.php?page=treesubj&link=19581الصَّبْرَ عَلَى سَفَاهَةِ الْجُهَّالِ ، وَأَرَادَ أَنْ يُمَيِّزَ أَحَدَ الْبَابَيْنِ عَنِ الْآخَرِ ، لَا جَرَمَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=49هَذَا ذِكْرٌ ) ، ثُمَّ شَرَعَ فِي تَقْرِيرِ الْبَابِ الثَّانِي فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=49وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ ) كَمَا أَنَّ الْمُصَنِّفَ إِذَا تَمَّمَ كَلَامًا قَالَ هَذَا بَابٌ ، ثُمَّ شَرَعَ فِي بَابٍ آخَرَ ، وَإِذَا فَرَغَ الْكَاتِبُ مِنْ فَصْلٍ مِنْ كِتَابِهِ وَأَرَادَ الشُّرُوعَ فِي آخَرَ قَالَ : هَذَا ، وَقَدْ كَانَ كَيْتَ وَكَيْتَ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمَّا أَتَمَّ ذِكْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَرَادَ أَنْ يُرْدِفَهُ بِذِكْرِ أَهْلِ النَّارِ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=55هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ ) [ص : 55] .
الْوَجْهُ الثَّانِي فِي التَّأْوِيلِ : أَنَّ الْمُرَادَ هَذَا شَرَفٌ وَذِكْرٌ جَمِيلٌ لِهَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يُذْكَرُونَ بِهِ أَبَدًا ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=49وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ ) .
فَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا حَكَى عَنْ كَفَّارِ
قُرَيْشٍ سَفَاهَتَهُمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ وَصَفُوهُ بِأَنَّهُ سَاحِرٌ كَذَّابٌ ، وَقَالُوا لَهُ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِهْزَاءِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=16رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا ) فَعِنْدَ هَذَا أَمَرَ
مُحَمَّدًا بِالصَّبْرِ عَلَى تِلْكَ السَّفَاهَةِ ، وَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الصَّبْرَ لَازِمٌ مِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31788_31780الْأَنْبِيَاءَ الْمُتَقَدِّمِينَ صَبَرُوا عَلَى الْمَكَارِهِ وَالشَّدَائِدَ ، فَيَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَقْتَدِيَ بِهِمْ فِي هَذَا الْمَعْنَى .
الثَّانِي : أَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ كَانَ لَهُ مِنَ الثَّوَابِ كَذَا وَكَذَا ، وَمَنْ خَالَفَهُ كَانَ لَهُ مِنَ الْعِقَابِ كَذَا وَكَذَا ، وَكُلُّ ذَلِكَ يُوجِبُ
nindex.php?page=treesubj&link=19590الصَّبْرَ عَلَى تَكَالِيفِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهَذَا نَظْمٌ حَسَنٌ وَتَرْتِيبٌ لَطِيفٌ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=49وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ ) الْمَآبُ الْمَرْجِعُ . وَاحْتَجَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29662الْقَائِلُونَ بِقِدَمِ الْأَرْوَاحِ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَبِكُلِّ آيَةٍ تَشْتَمِلُ عَلَى لَفْظِ الرُّجُوعِ ، وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ ، أَنَّ لَفْظَ الرُّجُوعِ إِنَّمَا يَصْدُقُ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْوَاحُ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْأَجْسَادِ ، وَكَانَتْ فِي حَضْرَةِ جَلَالِ اللَّهِ ثُمَّ تَعَلَّقَتْ بِالْأَبْدَانِ ، فَعِنْدَ انْفِصَالِهَا عَنِ الْأَبْدَانِ يُسَمَّى ذَلِكَ رُجُوعًا . وَجَوَابُهُ : أَنَّ هَذَا إِنْ دَلَّ فَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَرْوَاحَ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْأَبْدَانِ ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى قِدَمِ الْأَرْوَاحِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=50جَنَّاتِ عَدْنٍ ) وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=49لَحُسْنَ مَآبٍ ) ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=50مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
[ ص: 191 ] الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : ذَكَرُوا فِي تَأْوِيلِ هَذَا اللَّفْظِ وُجُوهًا :
الْأَوَّلُ : قَالَ
الْفَرَّاءُ : مَعْنَاهُ مُفَتَّحَةً لَهُمْ أَبْوَابُهَا ، وَالْعَرَبُ تَجْعَلُ الْأَلِفَ وَاللَّامَ خَلَفًا مِنَ الْإِضَافَةِ ، تَقُولُ الْعَرَبُ : مَرَرْتُ بِرَجُلٍ حَسَنِ الْوَجْهِ ، فَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْوَجْهِ بَدَلٌ مِنَ الْإِضَافَةِ .
وَالثَّانِي : قَالَ الزَّجَّاجُ : الْمَعْنَى : "مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ" مِنْهَا .
الثَّالِثُ : قَالَ صَاحِبُ "الْكَشَّافِ" (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=50الْأَبْوَابُ ) بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ ، وَتَقْدِيرُهُ مُفَتَّحَةً هِيَ الْأَبْوَابُ ، كَقَوْلِكَ ضَرَبَ زَيْدٌ الْيَدَ وَالرِّجْلَ ، وَهُوَ مِنْ بَدَلِ الِاشْتِمَالِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قُرِئَ : "جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةٌ" بِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرٍ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=50جَنَّاتِ عَدْنٍ ) مُبْتَدَأٌ وَ"مُفَتَّحَةٌ" خَبَرُهُ ، وَكَّلَاهُمَا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ هُوَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=50جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=30395أَحْوَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَشْيَاءَ :
الْأَوَّلُ : أَحْوَالُ مَسَاكِنِهِمْ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=50جَنَّاتِ عَدْنٍ ) يَدُلُّ عَلَى أَمْرَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : كَوْنُهَا جَنَّاتٍ وَبَسَاتِينَ .
وَالثَّانِي : كَوْنُهَا دَائِمَةً آمِنَةً مِنَ الِانْقِضَاءِ .
وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=50مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ ) وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الْمُوَكَّلِينَ بِالْجِنَانِ إِذَا رَأَوْا صَاحِبَ الْجَنَّةِ فَتَحُوا لَهُ أَبْوَابَهَا وَحَيَّوْهُ بِالسَّلَامِ ، فَيَدْخُلُ كَذَلِكَ مَحْفُوفًا بِالْمَلَائِكَةِ عَلَى أَعَزِّ حَالٍ وَأَجْمَلِ هَيْئَةٍ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=73حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ) [الزُّمَرِ : 73] .
الثَّانِي : أَنَّ تِلْكَ الْأَبْوَابَ كُلَّمَا أَرَادُوا انْفِتَاحَهَا انْفَتَحَتْ لَهُمْ ، وَكُلَّمَا أَرَادُوا انْغِلَاقَهَا انْغَلَقَتْ لَهُمْ .
الثَّالِثُ : الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْفَتْحِ ، وَصْفُ تِلْكَ الْمَسَاكِنِ بِالسِّعَةِ ، وَمُسَافَرَةُ الْعُيُونِ فِيهَا ، وَمُشَاهِدَةُ الْأَحْوَالِ اللَّذِيذَةِ الطَّيِّبَةِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=51مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا ) وَفِيهِ مَبَاحِثُ :
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ : أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ كَوْنَهُمْ مُتَّكِئِينَ فِي الْجَنَّةِ ، وَذَكَرَ فِي سَائِرِ الْآيَاتِ كَيْفِيَّةَ ذَلِكَ الِاتِّكَاءِ ، فَقَالَ فِي آيَةٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=56عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ ) [يس : 56] وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=76مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) [الرَّحْمَنِ : 76] .
الْبَحْثُ الثَّانِي : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=51مُتَّكِئِينَ فِيهَا ) حَالٌ قُدِّمَتْ عَلَى الْعَامِلِ فِيهَا وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=51يَدْعُونَ فِيهَا ) وَالْمَعْنَى يَدْعُونَ فِي الْجَنَّاتِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=51مُتَّكِئِينَ فِيهَا ) ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=51بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ ) وَالْمَعْنَى بِأَلْوَانِ الْفَاكِهَةِ وَأَلْوَانِ الشَّرَابِ ، وَالتَّقْدِيرُ بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ كَثِيرٍ ، وَالسَّبَبُ فِي ذِكْرِ هَذَا الْمَعْنَى أَنَّ دِيَارَ الْعَرَبِ حَارَةٌ قَلِيلَةُ الْفَوَاكِهِ وَالْأَشْرِبَةِ ، فَرَغَّبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ .
وَلَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى أَمْرَ الْمَسْكَنِ وَأَمْرَ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ ذَكَرَ عَقِيبَهُ أَمْرَ الْمَنْكُوحِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=52nindex.php?page=treesubj&link=30397_29009وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ ) وَقَدْ سَبَقَ تَفْسِيرُهُ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَعْنَى "كَوْنُهُنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ" عَنْ غَيْرِهِمْ مَقْصُورَاتُ الْقَلْبِ عَلَى مَحَبَّتِهِمْ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=52أَتْرَابٌ ) أَيْ عَلَى سِنٍّ وَاحِدٍ ، وَيُحْتَمَلُ كَوْنُ الْجَوَارِي أَتْرَابًا ، وَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُنَّ أَتْرَابًا لِلْأَزْوَاجِ ، قَالَ
الْقَفَّالُ : وَالسَّبَبُ فِي اعْتِبَارِ هَذِهِ الصِّفَةِ ، أَنَّهُنَّ لَمَّا تَشَابَهْنَ فِي الصِّفَةِ وَالسِّنِّ وَالْحِلْيَةِ كَانَ الْمَيْلُ إِلَيْهِنَّ عَلَى السَّوِيَّةِ ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْغَيْرَةِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=53هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ ) يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَ الْمُتَّقِينَ بِالثَّوَابِ الْمَوْصُوفِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ عَنْ دَوَامِ الثَّوَابِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=54nindex.php?page=treesubj&link=19889_29009إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ ) .