واعلم أنه تعالى لما حكى عن الملائكة أنهم يستغفرون للذين تابوا ، بين
nindex.php?page=treesubj&link=28736_29747_33076كيفية ذلك الاستغفار ، فحكى عنهم أنهم قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : أن الدعاء في أكثر الأمور مذكور بلفظ "ربنا" ويدل عليه أن الملائكة عند الدعاء قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7ربنا ) بدليل هذه الآية ، وقال
آدم عليه السلام : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=23ربنا ظلمنا أنفسنا ) وقال
نوح عليه السلام : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=47رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم ) [هود : 47] وقال أيضا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=5رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا ) [نوح : 5] وقال أيضا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=28رب اغفر لي ولوالدي ) [نوح : 28] وقال عن
إبراهيم عليه السلام : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=260رب أرني كيف تحي الموتى ) [البقرة : 260] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=41ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ) [إبراهيم : 41] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ) [البقرة : 128] وقال عن
يوسف : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=101رب قد آتيتني من الملك ) [يوسف : 101] وقال عن
موسى عليه السلام : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143رب أرني أنظر إليك ) [الأعراف : 143] وقال في قصة الوكز : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=16رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين ) [القصص : 17] وحكى تعالى عن
داود (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=24فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب ) [ص : 24] وعن
سليمان أنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=35رب اغفر لي وهب لي ملكا ) [ص : 35] وعن
زكريا أنه (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=3نادى ربه نداء خفيا ) [مريم : 3] وعن
عيسى عليه السلام أنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114ربنا أنزل علينا مائدة من السماء ) [المائدة : 114] وعن
محمد صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى قال له : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=97وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ) [المؤمنون : 97] وحكى عن المؤمنين أنهم قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191ربنا ما خلقت هذا باطلا ) [آل عمران : 191] وأعادوا هذه اللفظة خمس مرات ، وحكى أيضا عنهم أنهم قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=285غفرانك ربنا وإليك المصير ) [البقرة : 285] إلى آخر السورة .
فثبت بما ذكرنا أن
nindex.php?page=treesubj&link=19770من أرضى الدعاء أن ينادي العبد ربه بقوله : يا رب ، وتمام الإشكال فيه أن يقال : لفظ (الله) أعظم من لفظ (الرب) ، فلم صار لفظ الرب مختصا بوقت الدعاء؟ ، والجواب : كأن العبد يقول : كنت في كتم العدم والمحض والنفي الصرف ، فأخرجتني إلى الوجود ، وربيتني فاجعل تربيتك لي شفيعا إليك في أن لا تخليني طرفة عين عن تربيتك وإحسانك وفضلك .
[ ص: 32 ] المسألة الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=19770السنة في الدعاء ، يبدأ فيه بالثناء على الله تعالى ، ثم يذكر الدعاء عقيبه ، والدليل عليه هذه الآية ، فإن الملائكة لما عزموا على الدعاء والاستغفار للمؤمنين بدءوا بالثناء فقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ) وأيضا أن الخليل عليه السلام لما أراد أن يذكر الدعاء ذكر الثناء أولا فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=78الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ) [الشعراء : 78 82] فكل هذا ثناء على الله تعالى ، ثم بعده ذكر الدعاء فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=83رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين ) [الشعراء : 83] .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا حَكَى عَنِ الْمَلَائِكَةِ أَنَّهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينِ تَابُوا ، بَيَّنَ
nindex.php?page=treesubj&link=28736_29747_33076كَيْفِيَّةَ ذَلِكَ الِاسْتِغْفَارِ ، فَحَكَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : أَنَّ الدُّعَاءَ فِي أَكْثَرِ الْأُمُورِ مَذْكُورٌ بِلَفْظِ "رَبَّنَا" وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ عِنْدَ الدُّعَاءِ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7رَبَّنَا ) بِدَلِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ ، وَقَالَ
آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=23رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا ) وَقَالَ
نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=47رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ) [هُودٍ : 47] وَقَالَ أَيْضًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=5رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا ) [نُوحٍ : 5] وَقَالَ أَيْضًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=28رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ ) [نُوحٍ : 28] وَقَالَ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=260رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى ) [الْبَقَرَةِ : 260] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=41رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ) [إِبْرَاهِيمَ : 41] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ ) [الْبَقَرَةِ : 128] وَقَالَ عَنْ
يُوسُفَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=101رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ ) [يُوسُفَ : 101] وَقَالَ عَنْ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ) [الْأَعْرَافِ : 143] وَقَالَ فِي قِصَّةِ الْوَكْزِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=16رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ ) [الْقَصَصِ : 17] وَحَكَى تَعَالَى عَنْ
دَاوُدَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=24فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ) [ص : 24] وَعَنْ
سُلَيْمَانَ أَنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=35رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا ) [ص : 35] وَعَنْ
زَكَرِيَّا أَنَّهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=3نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ) [مَرْيَمَ : 3] وَعَنْ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ) [الْمَائِدَةِ : 114] وَعَنْ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=97وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ) [الْمُؤْمِنُونَ : 97] وَحَكَى عَنِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا ) [آلِ عِمْرَانَ : 191] وَأَعَادُوا هَذِهِ اللَّفْظَةَ خَمْسَ مَرَّاتٍ ، وَحَكَى أَيْضًا عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=285غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) [الْبَقَرَةِ : 285] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ .
فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19770مِنْ أَرْضَى الدُّعَاءِ أَنْ يُنَادِي الْعَبْدُ رَبَّهُ بِقَوْلِهِ : يَا رَبِّ ، وَتَمَامُ الْإِشْكَالِ فِيهِ أَنْ يُقَالَ : لَفْظُ (اللَّهُ) أَعْظَمُ مِنْ لَفْظِ (الرَّبُّ) ، فَلِمَ صَارَ لَفْظُ الرَّبِّ مُخْتَصًّا بِوَقْتِ الدُّعَاءِ؟ ، وَالْجَوَابُ : كَأَنَّ الْعَبْدَ يَقُولُ : كُنْتُ فِي كَتْمِ الْعَدَمِ وَالْمَحْضِ وَالنَّفْيِ الصِّرْفِ ، فَأَخْرَجْتَنِي إِلَى الْوُجُودِ ، وَرَبَّيْتَنِي فَاجْعَلْ تَرْبِيَتِكَ لِي شَفِيعًا إِلَيْكَ فِي أَنْ لَا تُخَلِّيَنِي طَرْفَةَ عَيْنٍ عَنْ تَرْبِيَتِكَ وَإِحْسَانِكَ وَفَضْلِكَ .
[ ص: 32 ] الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=19770السُّنَّةُ فِي الدُّعَاءِ ، يَبْدَأُ فِيهِ بِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، ثُمَّ يَذْكُرُ الدُّعَاءَ عَقِيبَهُ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمَّا عَزَمُوا عَلَى الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ لِلْمُؤْمِنِينَ بَدَءُوا بِالثَّنَاءِ فَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ) وَأَيْضًا أَنَّ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَذْكُرَ الدُّعَاءَ ذَكَرَ الثَّنَاءَ أَوَّلًا فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=78الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ) [الشُّعَرَاءِ : 78 82] فَكُلُّ هَذَا ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، ثُمَّ بَعْدَهُ ذَكَرَ الدُّعَاءَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=83رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) [الشُّعَرَاءِ : 83] .