( فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون ) ثم قال تعالى : ( فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون ) [ ص: 204 ] .
وهو مناسب لما قبله وذلك لأنه تعالى بين أن من يضع نفسه في موضع عبادة غير الله يكن وضع الشيء في غير موضعه فيكون ظالما ، فقال إذا ثبت أن الإنس مخلوقون للعبادة فإن ، وذلك لأن الشيء إذا خرج عن الانتفاع المطلوب منه لا يحفظ ، وإن كان في موضع يخلى المكان عنه ، ألا ترى أن الدابة التي لا يبقى منتفعا بها بالموت أو بمرض يخلى عنها الإصطبل ، والطعام الذي يتعفن يبدد ويفرغ منه الإناء ، فكذلك الكافر إذا ظلم ، ووضع نفسه في غير موضعه ، خرج عن الانتفاع فحسن إخلاء المكان عنه وحق نزول الهلاك به ، وفي التفسير مسائل : الذين ظلموا بعبادة الغير لهم هلاك مثل هلاك من تقدم
المسألة الأولى : فيما يتعلق به الفاء ، وقد ذكرنا لك في وجه التعلق .
المسألة الثانية : ما مناسبة الذنوب ؟ نقول : العذاب مصبوب عليهم ، كأنه قال تعالى : نصب من فوق رءوسهم ذنوبا كذنوب صب فوق رؤوس أولئك ، ووجه آخر وهو أن العرب يستقون من الآبار على النوبة ذنوبا فذنوبا وذلك وقت عيشهم الطيب ، فكأنه تعالى قال : ( فإن للذين ظلموا ) من الدنيا وطيباتها : ( ذنوبا ) أي ملاء ، ولا يكون لهم في الآخرة من نصيب ، كما كان عليه حال أصحابهم استقوا ذنوبا وتركوها ، وعلى هذا فالذنوب ليس بعذاب ولا هلاك ، وإنما هو رغد العيش وهو أليق بالعربية ، وقوله تعالى : ( فلا يستعجلون ) فإن الرزق ما لم يفرغ لا يأتي الأجل .
ثم أعاد ما ذكر في أول السورة فقال : ( فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون ) .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .