( وأنه هو أغنى وأقنى وأنه هو رب الشعرى )
ثم قال تعالى :
( وأنه هو أغنى وأقنى ) وقد ذكرنا تفسيره فنقول : " أغنى " يعني دفع حاجته ولم يتركه محتاجا ؛ لأن الفقير في مقابلة الغني ، فمن لم يبق فقيرا بوجه من الوجوه فهو غني مطلقا ، ومن لم يبق فقيرا من وجه [ ص: 21 ] فهو غني من ذلك الوجه ، قال صلى الله عليه وسلم : " " وحمل ذلك على زكاة الفطر ، ومعناه إذا أتاه ما احتاج إليه ، وقوله تعالى : ( أغنوهم عن المسألة في هذا اليوم وأقنى ) معناه وزاد عليه ، والذي عندي أن الحروف متناسبة في المعنى ، فنقول : لما كان مخرج القاف فوق مخرج الغين جعل الإقناء لحالة فوق الإغناء ، وعلى هذا فالإغناء هو ما آتاه الله من العين واللسان ، وهداه إلى الارتضاع في صباه أو هو ما أعطاه الله تعالى من القوت واللباس المحتاج إليهما ، وفي الجملة كل ما دفع الله به الحاجة فهو إغناء ، وكل ما زاد عليه فهو إقناء . الإقناء فوق الإغناء
ثم قال تعالى : ( وأنه هو رب الشعرى ) إشارة إلى فساد قول قوم آخرين ؛ وذلك لأن بعض الناس يذهب إلى أن الفقر والغنى بكسب الإنسان واجتهاده فمن كسب استغنى ، ومن كسل افتقر ، وبعضهم يذهب إلى أن ذلك بالبخت ، وذلك بالنجوم ، فقال : ( هو أغنى وأقنى ) وإن قائل الغنى بالنجوم غالط ، فنقول : هو رب النجوم وهو محركها ، كما قال تعالى : ( هو رب الشعرى ) وقوله : ( هو رب الشعرى ) لإنكارهم ذلك أكد بالفصل ، نجم مضيء ، وفي النجوم شعريان إحداهما شامية والأخرى يمانية ، والظاهر أن المراد اليمانية ؛ لأنهم كانوا يعبدونها . والشعرى