( أعدت للذين آمنوا بالله ورسله )
المسألة الثانية : قوله : ( أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ) فيه أعظم رجاء وأقوى أمل ، إذ ذكر أن ، ولم يذكر مع الإيمان شيئا آخر ، الجنة أعدت لمن آمن بالله ورسله والمعتزلة وإن زعموا أن لفظ الإيمان يفيد جملة الطاعات بحكم تصرف الشرع ، لكنهم اعترفوا بأن لفظ الإيمان إذا عدي بحرف الباء فإنه باق على مفهومه الأصلي وهو التصديق ، فالآية حجة عليهم ، ومما يتأكد به ما ذكرناه قوله بعد هذه الآية : ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) يعني أن الجنة فضل لا معاملة ، فهو يؤتيها من يشاء من عباده سواء أطاع أو عصى ، فإن قيل : فيلزمكم أن تقطعوا بحصول الجنة لجميع العصاة ، وأن تقطعوا بأنه لا عقاب لهم ؟ قلنا : نقطع بحصول الجنة لهم ، ولا نقطع بنفي العقاب عنهم ؛ لأنهم إذا عذبوا مدة ثم نقلوا إلى الجنة وبقوا فيها أبد الآباد فقد كانت الجنة معدة لهم ، فإن قيل : فالمرتد قد آمن بالله ، فوجب أن يدخل تحت الآية ، قلت : خص من العموم ، فيبقى العموم حجة فيما عداه .