(
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29038_19786_33679_32435_32436ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير )
اعلم أن هذا هو الدليل الثاني على كونه تعالى قادرا عالما ؛ وذلك لأن هذه الكواكب نظرا إلى أنها محدثة ومختصة بمقدار خاص ، وموضع معين ، وسير معين ، تدل على أن صانعها قادر ، ونظرا إلى كونها محكمة متقنة موافقة لمصالح العباد من كونها زينة لأهل الدنيا ، وسببا لانتفاعهم بها ، تدل على أن صانعها عالم ، ونظير هذه الآية في سورة الصافات (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=6إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=7وحفظا من كل شيطان مارد ) ( الصافات : 7 ) وههنا مسائل :
[ ص: 53 ]
المسألة الأولى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5السماء الدنيا ) القربى ؛ وذلك لأنها أقرب السماوات إلى الناس ومعناها السماء الدنيا من الناس ، والمصابيح السرج سميت بها الكواكب ، والناس يزينون مساجدهم ودورهم بالمصابيح ، فقيل : ولقد زينا سقف الدار التي اجتمعتم فيها بمصابيح أي بمصابيح لا توازيها مصابيحكم إضاءة ، أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5وجعلناها رجوما للشياطين ) فاعلم أن الرجوم جمع رجم ، وهو مصدر سمي به ما يرجم به ، وذكروا في معرض هذه الآية وجهين :
الوجه الأول : أن الشياطين إذا أرادوا استراق السمع رجموا بها ، فإن قيل : جعل الكواكب زينة للسماء يقتضي بقاءها واستمرارها ، وجعلها رجوما للشياطين ورميهم بها يقتضي زوالها والجمع بينهما متناقض ، قلنا : ليس معنى رجم الشياطين هو أنهم يرمون بأجرام الكواكب ، بل يجوز أن ينفصل من الكواكب شعل ترمى الشياطين بها ، وتلك الشعل هي الشهب ، وما ذاك إلا قبس يؤخذ من نار ، والنار باقية .
الوجه الثاني : في تفسير كون الكواكب رجوما للشياطين أنا جعلناها ظنونا ورجوما بالغيب لشياطين الإنس وهم الأحكاميون من المنجمين .
المسألة الثانية : اعلم أن ظاهر هذه الآية لا يدل على أن هذه الكواكب مركوزة في السماء الدنيا ؛ وذلك لأن السماوات إذا كانت شفافة فالكواكب سواء كانت في السماء الدنيا أو كانت في سموات أخرى فوقها ، فهي لا بد وأن تظهر في السماء الدنيا وتلوح منها ، فعلى التقديرين تكون السماء الدنيا مزينة بهذه المصابيح .
واعلم أن أصحاب الهيئة اتفقوا على أن هذه الثوابت مركوزة في الفلك الثامن الذي هو فوق كرات السيارات ، واحتجوا عليه بأن بعض هذه الثوابت في الفلك الثامن ، فيجب أن تكون كلها هناك ، وإنما قلنا : إن بعضها في الفلك الثامن ؛ وذلك لأن الثوابت التي تكون قريبة من المنطقة تنكسف بهذه السيارات ، فوجب أن تكون الثوابت المنكسفة فوق السيارات الكاسفة ، وإنما قلنا : إن هذه الثوابت لما كانت في الفلك الثامن وجب أن تكون كلها هناك ؛ لأنها بأسرها متحركة حركة واحدة بطيئة في كل مائة سنة درجة واحدة ، فلا بد وأن تكون مركوزة في كرة واحدة .
واعلم أن هذا الاستدلال ضعيف ، فإنه لا يلزم من كون بعض الثوابت فوق السيارات كون كلها هناك ؛ لأنه لا يبعد وجود كرة تحت القمر ، وتكون في البطء مساوية لكرة الثوابت ، وتكون الكواكب المركوزة فيما يقارن القطبين مركوزة في هذه الكرة السفلية ، إذ لا يبعد وجود كرتين مختلفتين بالصغر والكبر مع كونهما متشابهتين في الحركة ، وعلى هذا التقدير لا يمتنع أن تكون هذه المصابيح مركوزة في السماء الدنيا ، فثبت أن مذهب الفلاسفة في هذا الباب ضعيف .
المسألة الثالثة : اعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=32435_31762منافع النجوم كثيرة ، منها أن الله تعالى زين السماء بها ، ومنها أنه يحصل بسببها في الليل قدر من الضوء ، ولذلك فإنه إذا تكاثف السحاب في الليل عظمت الظلمة ، وذلك بسبب أن السحاب يحجب أنوارها ، ومنها أنه يحصل بسببها تفاوت في أحوال الفصول الأربعة ، فإنها أجسام عظيمة نورانية ، فإذا قارنت الشمس كوكبا مسخنا في الصيف ، صار الصيف أقوى حرا ، وهو مثل نار تضم إلى نار أخرى ، فإنه لا شك أن يكون الأثر الحاصل من المجموع أقوى ، ومنها أنه تعالى جعلها علامات يهتدى بها في ظلمات البر والبحر ، على ما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=16وعلامات وبالنجم هم يهتدون ) ( النحل : 16 ) ومنها أنه تعالى جعلها رجوما
[ ص: 54 ] للشياطين الذين يخرجون الناس من نور الإيمان إلى ظلمات الكفر ، يروى أن السبب في ذلك أن الجن كانت تتسمع لخبر السماء ، فلما بعث
محمد صلى الله عليه وسلم حرست السماء ، ورصدت الشياطين ، فمن جاء منهم مسترقا للسمع رمي بشهاب فأحرقه لئلا ينزل به إلى الأرض فيلقيه إلى الناس فيخلط على النبي أمره ويرتاب الناس بخبره ، فهذا هو السبب في انقضاض الشهب ، وهو المراد من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5وجعلناها رجوما للشياطين ) ومن الناس من طعن في هذا من وجوه :
أحدها : أن انقضاض الكواكب مذكور في كتب قدماء الفلاسفة ، قالوا : إن الأرض إذا سخنت بالشمس ارتفع منها بخار يابس ، وإذا بلغ النار التي دون الفلك احترق بها ، فتلك الشعلة هي الشهاب .
وثانيها : أن هؤلاء الجن كيف يجوز أن يشاهدوا واحدا وألفا من جنسهم يسترقون السمع فيحترقون ، ثم إنهم مع ذلك يعودون لمثل صنيعهم فإن العاقل إذا رأى الهلاك في شيء مرة ومرارا وألفا امتنع أن يعود إليه من غير فائدة .
وثالثها : أنه يقال في ثخن السماء فإنه مسيرة خمسمائة عام ، فهؤلاء الجن إن نفذوا في جرم السماء وخرقوا اتصاله ، فهذا باطل ؛ لأنه تعالى نفى أن يكون فيها فطور على ما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3فارجع البصر هل ترى من فطور ) وإن كانوا لا ينفذون في جرم السماء ، فكيف يمكنهم أن يسمعوا أسرار الملائكة من ذلك البعد العظيم ، ثم إن جاز أن يسمعوا كلامهم من ذلك البعد العظيم ، فلا يسمعوا كلام الملائكة حال كونهم في الأرض .
ورابعها : أن الملائكة إنما اطلعوا على الأحوال المستقبلة ، إما لأنهم طالعوها في اللوح المحفوظ أو لأنهم تلقفوها من وحي الله تعالى إليهم ، وعلى التقديرين فلم لم يسكتوا عن ذكرها حتى لا يتمكن الجن من الوقوف عليها .
وخامسها : أن
nindex.php?page=treesubj&link=31766الشياطين مخلوقون من النار ، والنار لا تحرق النار بل تقويها ، فكيف يعقل أن يقال : إن الشياطين زجروا عن استراق السمع بهذه الشهب .
وسادسها : أنه كان هذا الحذف لأجل النبوة فلم دام بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام .
وسابعها : أن هذه الرجوم إنما تحدث بالقرب من الأرض ، بدليل أنا نشاهد حركتها بالعين ولو كانت قريبة من الفلك لما شاهدنا حركتها كما لم نشاهد حركات الكواكب ، وإذا ثبت أن هذه الشهب إنما تحدث بالقرب من الأرض ، فكيف يقال : إنها تمنع الشياطين من الوصول إلى الفلك .
وثامنها : أن هؤلاء الشياطين لو كان يمكنهم أن ينقلوا أخبار الملائكة من المغيبات إلى الكهنة ، فلم لا ينقلون أسرار المؤمنين إلى الكفار ، حتى يتوصل الكفار بواسطة وقوفهم على أسرارهم إلى إلحاق الضرر بهم ؟
وتاسعها : لم لم يمنعهم الله ابتداء من الصعود إلى السماء حتى لا يحتاج في دفعهم عن السماء إلى هذه الشهب ؟
والجواب عن السؤال الأول : أنا لا ننكر أن هذه الشهب كانت موجودة قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم لأسباب أخر ، إلا أن ذلك لا ينافي أنها بعد مبعث النبي عليه الصلاة والسلام قد توجد بسبب آخر وهو دفع الجن وزجرهم . يروى أنه قيل
nindex.php?page=showalam&ids=12300للزهري : أكان يرمى في الجاهلية ؟ قال : نعم ، قيل : أفرأيت قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=9وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ) ( الجن : 9 ) قال : غلظت وشدد أمرها حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم .
والجواب عن السؤال الثاني : أنه إذا جاء القدر عمي البصر ، فإذا قضى الله على طائفة منها الحرق لطغيانها وضلالتها ، قيض لها من الدواعي المطمعة في درك المقصود ما عندها تقدم على العمل المفضي إلى الهلاك والبوار .
[ ص: 55 ]
والجواب عن السؤال الثالث : أن
nindex.php?page=treesubj&link=19785_31756البعد بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام ، فأما ثخن الفلك فلعله لا يكون عظيما .
وأما الجواب عن السؤال الرابع : ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16600علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013854بينا النبي صلى الله عليه وسلم جالسا في نفر من أصحابه إذ رمي بنجم فاستنار ، فقال : "ما كنتم تقولون في الجاهلية إذا حدث مثل هذا ، قالوا : كنا نقول يولد عظيم أو يموت عظيم" قال عليه الصلاة والسلام : "فإنها لا ترمى لموت أحد ولا لحياته ، ولكن ربنا تعالى إذا قضى الأمر في السماء سبحت حملة العرش ، ثم سبح أهل السماء ، وسبح أهل كل سماء حتى ينتهي التسبيح إلى هذه السماء ، ويستخبر أهل السماء حملة العرش : ماذا قال ربكم ؟ فيخبرونهم ، ولا يزال ذلك الخبر من سماء إلى سماء إلى أن ينتهي الخبر إلى هذه السماء ، ويتخطف الجن فيرمون ، فما جاءوا به فهو حق ، ولكنهم يزيدون فيه .
والجواب عن السؤال الخامس : أن النار قد تكون أقوى من نار أخرى ، فالأقوى يبطل الأضعف .
والجواب عن السؤال السادس : أنه إنما دام لأنه عليه الصلاة والسلام أخبر
nindex.php?page=treesubj&link=28689ببطلان الكهانة ، فلو لم يدم هذا العذاب لعادت الكهانة ، وذلك يقدح في خبر الرسول عن بطلان الكهانة .
والجواب عن السؤال السابع : أن البعد على مذهبنا غير مانع من السماع ، فلعله تعالى أجرى عادته بأنهم إذا وقفوا في تلك الموضع سمعوا كلام الملائكة .
والجواب عن السؤال الثامن : لعله تعالى أقدرهم على استماع الغيوب عن الملائكة وأعجزهم عن إيصال أسرار المؤمنين إلى الكافرين .
والجواب عن السؤال التاسع : أنه تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، فهذا ما يتعلق بهذا الباب على سبيل الاختصار ، والله أعلم .
واعلم أنه تعالى لما ذكر منافع الكواكب وذكر أن من جملة المنافع أنها رجوم للشياطين ، قال بعد ذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5وأعتدنا لهم عذاب السعير ) أي أعتدنا للشياطين بعد الإحراق بالشهب في الدنيا عذاب السعير في الآخرة ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : سعرت النار فهي مسعورة وسعير ، كقولك : مقبولة وقبيل ، واحتج أصحابنا على أن
nindex.php?page=treesubj&link=31752النار مخلوقة الآن بهذه الآية ؛ لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5وأعتدنا ) إخبار عن الماضي .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29038_19786_33679_32435_32436وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ )
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ الدَّلِيلُ الثَّانِي عَلَى كَوْنِهِ تَعَالَى قَادِرًا عَالِمًا ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْكَوَاكِبَ نَظَرًا إِلَى أَنَّهَا مُحْدَثَةٌ وَمُخْتَصَّةٌ بِمِقْدَارٍ خَاصٍّ ، وَمَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ ، وَسَيْرٍ مُعَيَّنٍ ، تَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَانِعَهَا قَادِرٌ ، وَنَظَرًا إِلَى كَوْنِهَا مُحْكَمَةً مُتْقَنَةً مُوَافِقَةً لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ مِنْ كَوْنِهَا زِينَةً لِأَهْلِ الدُّنْيَا ، وَسَبَبًا لِانْتِفَاعِهِمْ بِهَا ، تَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَانِعَهَا عَالِمٌ ، وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=6إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=7وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ) ( الصَّافَّاتِ : 7 ) وَهَهُنَا مَسَائِلُ :
[ ص: 53 ]
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5السَّمَاءَ الدُّنْيَا ) الْقُرْبَى ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ السَّمَاوَاتِ إِلَى النَّاسِ وَمَعْنَاهَا السَّمَاءُ الدُّنْيَا مِنَ النَّاسِ ، وَالْمَصَابِيحُ السُّرُجُ سُمِّيَتْ بِهَا الْكَوَاكِبُ ، وَالنَّاسُ يُزَيِّنُونَ مَسَاجِدَهُمْ وَدُورَهُمْ بِالْمَصَابِيحِ ، فَقِيلَ : وَلَقَدْ زَيَّنَّا سَقْفَ الدَّارِ الَّتِي اجْتَمَعْتُمْ فِيهَا بِمَصَابِيحَ أَيْ بِمَصَابِيحَ لَا تُوَازِيهَا مَصَابِيحُكُمْ إِضَاءَةً ، أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ) فَاعْلَمْ أَنَّ الرُّجُومَ جَمْعُ رَجْمٍ ، وَهُوَ مَصْدَرٌ سُمِّيَ بِهِ مَا يُرْجَمُ بِهِ ، وَذَكَرُوا فِي مَعْرِضِ هَذِهِ الْآيَةِ وَجْهَيْنِ :
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ : أَنَّ الشَّيَاطِينَ إِذَا أَرَادُوا اسْتِرَاقَ السَّمْعِ رُجِمُوا بِهَا ، فَإِنْ قِيلَ : جَعْلُ الْكَوَاكِبِ زِينَةً لِلسَّمَاءِ يَقْتَضِي بَقَاءَهَا وَاسْتِمْرَارَهَا ، وَجَعْلُهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَرَمْيُهُمْ بِهَا يَقْتَضِي زَوَالَهَا وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُتَنَاقِضٌ ، قُلْنَا : لَيْسَ مَعْنَى رَجْمِ الشَّيَاطِينِ هُوَ أَنَّهُمْ يُرْمَوْنَ بِأَجْرَامِ الْكَوَاكِبِ ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَنْفَصِلَ مِنَ الْكَوَاكِبِ شُعَلٌ تُرْمَى الشَّيَاطِينُ بِهَا ، وَتِلْكَ الشُّعَلُ هِيَ الشُّهُبُ ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا قَبَسٌ يُؤْخَذُ مِنْ نَارٍ ، وَالنَّارُ بَاقِيَةٌ .
الْوَجْهُ الثَّانِي : فِي تَفْسِيرِ كَوْنِ الْكَوَاكِبِ رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ أَنَّا جَعَلْنَاهَا ظُنُونًا وَرُجُومًا بِالْغَيْبِ لِشَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَهُمُ الْأَحْكَامِيُّونَ مِنَ الْمُنَجِّمِينَ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ هَذِهِ الْآيَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْكَوَاكِبَ مَرْكُوزَةٌ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ السَّمَاوَاتِ إِذَا كَانَتْ شَفَّافَةً فَالْكَوَاكِبُ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا أَوْ كَانَتْ فِي سَمَوَاتٍ أُخْرَى فَوْقَهَا ، فَهِيَ لَا بُدَّ وَأَنْ تَظْهَرَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَتَلُوحُ مِنْهَا ، فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ تَكُونُ السَّمَاءُ الدُّنْيَا مُزَيَّنَةً بِهَذِهِ الْمَصَابِيحِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ أَصْحَابَ الْهَيْئَةِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الثَّوَابِتَ مَرْكُوزَةٌ فِي الْفَلَكِ الثَّامِنِ الَّذِي هُوَ فَوْقَ كُرَاتِ السَّيَّارَاتِ ، وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِأَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الثَّوَابِتِ فِي الْفَلَكِ الثَّامِنِ ، فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا هُنَاكَ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا : إِنَّ بَعْضَهَا فِي الْفَلَكِ الثَّامِنِ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الثَّوَابِتَ الَّتِي تَكُونُ قَرِيبَةً مِنَ الْمِنْطَقَةِ تَنْكَسِفُ بِهَذِهِ السَّيَّارَاتِ ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الثَّوَابِتُ الْمُنْكَسِفَةُ فَوْقَ السَّيَّارَاتِ الْكَاسِفَةِ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا : إِنَّ هَذِهِ الثَّوَابِتَ لَمَّا كَانَتْ فِي الْفَلَكِ الثَّامِنِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا هُنَاكَ ؛ لِأَنَّهَا بِأَسْرِهَا مُتَحَرِّكَةٌ حَرَكَةً وَاحِدَةً بَطِيئَةً فِي كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ دَرَجَةً وَاحِدَةً ، فَلَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ مَرْكُوزَةً فِي كُرَةٍ وَاحِدَةٍ .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ ضَعِيفٌ ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ بَعْضِ الثَّوَابِتِ فَوْقَ السَّيَّارَاتِ كَوْنُ كُلِّهَا هُنَاكَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ وُجُودُ كُرَةٍ تَحْتَ الْقَمَرِ ، وَتَكُونُ فِي الْبُطْءِ مُسَاوِيَةً لِكُرَةِ الثَّوَابِتِ ، وَتَكُونُ الْكَوَاكِبُ الْمَرْكُوزَةُ فِيمَا يُقَارِنُ الْقُطْبَيْنِ مَرْكُوزَةً فِي هَذِهِ الْكُرَةِ السُّفْلِيَّةِ ، إِذْ لَا يَبْعُدُ وُجُودُ كُرَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ مَعَ كَوْنِهِمَا مُتَشَابِهَتَيْنِ فِي الْحَرَكَةِ ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَصَابِيحُ مَرْكُوزَةً فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَثَبَتَ أَنَّ مَذْهَبَ الْفَلَاسِفَةِ فِي هَذَا الْبَابِ ضَعِيفٌ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : اعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32435_31762مَنَافِعَ النُّجُومِ كَثِيرَةٌ ، مِنْهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى زَيَّنَ السَّمَاءَ بِهَا ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يَحْصُلُ بِسَبَبِهَا فِي اللَّيْلِ قَدْرٌ مِنَ الضَّوْءِ ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّهُ إِذَا تَكَاثَفَ السَّحَابُ فِي اللَّيْلِ عَظُمَتِ الظُّلْمَةُ ، وَذَلِكَ بِسَبَبِ أَنَّ السَّحَابَ يَحْجُبُ أَنْوَارَهَا ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يَحْصُلُ بِسَبَبِهَا تَفَاوُتٌ فِي أَحْوَالِ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ ، فَإِنَّهَا أَجْسَامٌ عَظِيمَةٌ نُورَانِيَّةٌ ، فَإِذَا قَارَنَتِ الشَّمْسُ كَوْكَبًا مُسَخَّنًا فِي الصَّيْفِ ، صَارَ الصَّيْفُ أَقْوَى حَرًّا ، وَهُوَ مِثْلُ نَارٍ تُضَمُّ إِلَى نَارٍ أُخْرَى ، فَإِنَّهُ لَا شَكَّ أَنْ يَكُونَ الْأَثَرُ الْحَاصِلُ مِنَ الْمَجْمُوعِ أَقْوَى ، وَمِنْهَا أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهَا عَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، عَلَى مَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=16وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) ( النَّحْلِ : 16 ) وَمِنْهَا أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهَا رُجُومًا
[ ص: 54 ] لِلشَّيَاطِينِ الَّذِينَ يُخْرِجُونَ النَّاسَ مِنْ نُورِ الْإِيمَانِ إِلَى ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ ، يُرْوَى أَنَّ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْجِنَّ كَانَتْ تَتَسَمَّعُ لِخَبَرِ السَّمَاءِ ، فَلَمَّا بُعِثَ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُرِسَتِ السَّمَاءُ ، وَرُصِدَتِ الشَّيَاطِينُ ، فَمَنْ جَاءَ مِنْهُمْ مُسْتَرِقًا لِلسَّمْعِ رُمِيَ بِشِهَابٍ فَأَحْرَقَهُ لِئَلَّا يَنْزِلَ بِهِ إِلَى الْأَرْضِ فَيُلْقِيَهُ إِلَى النَّاسِ فَيَخْلِطَ عَلَى النَّبِيِّ أَمْرَهُ وَيَرْتَابَ النَّاسُ بِخَبَرِهِ ، فَهَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي انْقِضَاضِ الشُّهُبِ ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ طَعَنَ فِي هَذَا مِنْ وُجُوهِ :
أَحَدُهَا : أَنَّ انْقِضَاضَ الْكَوَاكِبِ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ قُدَمَاءِ الْفَلَاسِفَةِ ، قَالُوا : إِنَّ الْأَرْضَ إِذَا سُخِّنَتْ بِالشَّمْسِ ارْتَفَعَ مِنْهَا بُخَارٌ يَابِسٌ ، وَإِذَا بَلَغَ النَّارَ الَّتِي دُونَ الْفَلَكِ احْتَرَقَ بِهَا ، فَتِلْكَ الشُّعْلَةُ هِيَ الشِّهَابُ .
وَثَانِيهَا : أَنَّ هَؤُلَاءِ الْجِنَّ كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُشَاهِدُوا وَاحِدًا وَأَلْفًا مِنْ جِنْسِهِمْ يَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ فَيَحْتَرِقُونَ ، ثُمَّ إِنَّهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَعُودُونَ لِمِثْلِ صَنِيعِهِمْ فَإِنَّ الْعَاقِلَ إِذَا رَأَى الْهَلَاكَ فِي شَيْءٍ مَرَّةً وَمِرَارًا وَأَلْفًا امْتَنَعَ أَنْ يَعُودَ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّهُ يُقَالُ فِي ثِخَنِ السَّمَاءِ فَإِنَّهُ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ، فَهَؤُلَاءِ الْجِنُّ إِنْ نَفَذُوا فِي جِرْمِ السَّمَاءِ وَخَرَقُوا اتِّصَالَهُ ، فَهَذَا بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى نَفَى أَنْ يَكُونَ فِيهَا فُطُورٌ عَلَى مَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=3فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ) وَإِنْ كَانُوا لَا يَنْفُذُونَ فِي جِرْمِ السَّمَاءِ ، فَكَيْفَ يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَسْمَعُوا أَسْرَارَ الْمَلَائِكَةِ مِنْ ذَلِكَ الْبُعْدِ الْعَظِيمِ ، ثُمَّ إِنْ جَازَ أَنْ يَسْمَعُوا كَلَامَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْبُعْدِ الْعَظِيمِ ، فَلَا يَسْمَعُوا كَلَامَ الْمَلَائِكَةِ حَالَ كَوْنِهِمْ فِي الْأَرْضِ .
وَرَابِعُهَا : أَنَّ الْمَلَائِكَةَ إِنَّمَا اطَّلَعُوا عَلَى الْأَحْوَالِ الْمُسْتَقْبِلَةِ ، إِمَّا لِأَنَّهُمْ طَالَعُوهَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَوْ لِأَنَّهُمْ تَلَقَّفُوهَا مِنْ وَحْيِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَيْهِمْ ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَلِمَ لَمْ يَسْكُتُوا عَنْ ذِكْرِهَا حَتَّى لَا يَتَمَكَّنَ الْجِنُّ مِنَ الْوُقُوفِ عَلَيْهَا .
وَخَامِسُهَا : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31766الشَّيَاطِينَ مَخْلُوقُونَ مِنَ النَّارِ ، وَالنَّارُ لَا تَحْرِقُ النَّارَ بَلْ تُقَوِّيهَا ، فَكَيْفَ يُعْقَلُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ الشَّيَاطِينَ زُجِرُوا عَنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ بِهَذِهِ الشُّهُبِ .
وَسَادِسُهَا : أَنَّهُ كَانَ هَذَا الْحَذْفُ لِأَجْلِ النُّبُوَّةِ فَلِمَ دَامَ بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .
وَسَابِعُهَا : أَنَّ هَذِهِ الرُّجُومَ إِنَّمَا تَحْدُثُ بِالْقُرْبِ مِنَ الْأَرْضِ ، بِدَلِيلِ أَنَّا نُشَاهِدُ حَرَكَتَهَا بِالْعَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ قَرِيبَةً مِنَ الْفَلَكِ لَمَا شَاهَدْنَا حَرَكَتَهَا كَمَا لَمْ نُشَاهِدْ حَرَكَاتِ الْكَوَاكِبِ ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الشُّهُبَ إِنَّمَا تَحْدُثُ بِالْقُرْبِ مِنَ الْأَرْضِ ، فَكَيْفَ يُقَالُ : إِنَّهَا تَمْنَعُ الشَّيَاطِينَ مِنَ الْوُصُولِ إِلَى الْفَلَكِ .
وَثَامِنُهَا : أَنَّ هَؤُلَاءِ الشَّيَاطِينَ لَوْ كَانَ يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَنْقُلُوا أَخْبَارَ الْمَلَائِكَةِ مِنَ الْمُغَيَّبَاتِ إِلَى الْكَهَنَةِ ، فَلِمَ لَا يَنْقُلُونَ أَسْرَارَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْكُفَّارِ ، حَتَّى يَتَوَصَّلَ الْكُفَّارُ بِوَاسِطَةِ وُقُوفِهِمْ عَلَى أَسْرَارِهِمْ إِلَى إِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِهِمْ ؟
وَتَاسِعُهَا : لِمَ لَمْ يَمْنَعْهُمُ اللَّهُ ابْتِدَاءً مِنَ الصُّعُودِ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ فِي دَفْعِهِمْ عَنِ السَّمَاءِ إِلَى هَذِهِ الشُّهُبِ ؟
وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ : أَنَّا لَا نُنْكِرُ أَنَّ هَذِهِ الشُّهُبَ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَسْبَابٍ أُخَرَ ، إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَافِي أَنَّهَا بَعْدَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَدْ تُوجَدُ بِسَبَبٍ آخَرَ وَهُوَ دَفْعُ الْجِنِّ وَزَجْرُهُمْ . يُرْوَى أَنَّهُ قِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300لِلزُّهْرِيِّ : أَكَانَ يُرْمَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قِيلَ : أَفَرَأَيْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=9وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ) ( الْجِنِّ : 9 ) قَالَ : غُلِّظَتْ وَشُدِّدَ أَمْرُهَا حِينَ بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ الثَّانِي : أَنَّهُ إِذَا جَاءَ الْقَدَرُ عَمِيَ الْبَصَرُ ، فَإِذَا قَضَى اللَّهُ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْهَا الْحَرْقَ لِطُغْيَانِهَا وَضَلَالَتِهَا ، قَيَّضَ لَهَا مِنَ الدَّوَاعِي الْمُطَمِّعَةِ فِي دَرْكِ الْمَقْصُودِ مَا عِنْدَهَا تُقْدِمُ عَلَى الْعَمَلِ الْمُفْضِي إِلَى الْهَلَاكِ وَالْبَوَارِ .
[ ص: 55 ]
وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ الثَّالِثِ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19785_31756الْبُعْدَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ، فَأَمَّا ثِخَنُ الْفَلَكِ فَلَعَلَّهُ لَا يَكُونُ عَظِيمًا .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ الرَّابِعِ : مَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16600عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013854بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذْ رُمِيَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ ، فَقَالَ : "مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا حَدَثَ مِثْلُ هَذَا ، قَالُوا : كُنَّا نَقُولُ يُولَدُ عَظِيمٌ أَوْ يَمُوتُ عَظِيمٌ" قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : "فَإِنَّهَا لَا تُرْمَى لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ ، وَلَكِنَّ رَبَّنَا تَعَالَى إِذَا قَضَى الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ سَبَّحَتْ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ، ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ ، وَسَبَّحَ أَهْلُ كُلِّ سَمَاءٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ التَّسْبِيحُ إِلَى هَذِهِ السَّمَاءِ ، وَيَسْتَخْبِرُ أَهْلُ السَّمَاءِ حَمَلَةَ الْعَرْشِ : مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ فَيُخْبِرُونَهُمْ ، وَلَا يَزَالُ ذَلِكَ الْخَبَرُ مِنْ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الْخَبَرُ إِلَى هَذِهِ السَّمَاءِ ، وَيَتَخَطَّفُ الْجِنُّ فَيُرْمَوْنَ ، فَمَا جَاءُوا بِهِ فَهُوَ حَقٌّ ، وَلَكِنَّهُمْ يَزِيدُونَ فِيهِ .
وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ الْخَامِسِ : أَنَّ النَّارَ قَدْ تَكُونُ أَقْوَى مِنْ نَارٍ أُخْرَى ، فَالْأَقْوَى يُبْطِلُ الْأَضْعَفَ .
وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ السَّادِسِ : أَنَّهُ إِنَّمَا دَامَ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَخْبَرَ
nindex.php?page=treesubj&link=28689بِبُطْلَانِ الْكَهَانَةِ ، فَلَوْ لَمْ يَدُمْ هَذَا الْعَذَابُ لَعَادَتِ الْكَهَانَةُ ، وَذَلِكَ يَقْدَحُ فِي خَبَرِ الرَّسُولِ عَنْ بُطْلَانِ الْكَهَانَةِ .
وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ السَّابِعِ : أَنَّ الْبُعْدَ عَلَى مَذْهَبِنَا غَيْرُ مَانِعٍ مِنَ السَّمَاعِ ، فَلَعَلَّهُ تَعَالَى أَجْرَى عَادَتَهُ بِأَنَّهُمْ إِذَا وَقَفُوا فِي تِلْكَ الْمَوْضِعِ سَمِعُوا كَلَامَ الْمَلَائِكَةِ .
وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ الثَّامِنِ : لَعَلَّهُ تَعَالَى أَقْدَرَهُمْ عَلَى اسْتِمَاعِ الْغُيُوبِ عَنِ الْمَلَائِكَةِ وَأَعْجَزَهُمْ عَنْ إِيصَالِ أَسْرَارِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْكَافِرِينَ .
وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ التَّاسِعِ : أَنَّهُ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيُحْكِمُ مَا يُرِيدُ ، فَهَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْبَابِ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِصَارِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ مَنَافِعَ الْكَوَاكِبِ وَذَكَرَ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْمَنَافِعِ أَنَّهَا رُجُومٌ لِلشَّيَاطِينِ ، قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ ) أَيْ أَعْتَدْنَا لِلشَّيَاطِينِ بَعْدَ الْإِحْرَاقِ بِالشُّهُبِ فِي الدُّنْيَا عَذَابَ السَّعِيرِ فِي الْآخِرَةِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : سُعِرَتِ النَّارُ فَهِيَ مَسْعُورَةٌ وَسَعِيرٌ ، كَقَوْلِكَ : مَقْبُولَةٌ وَقَبِيلٌ ، وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31752النَّارَ مَخْلُوقَةٌ الْآنَ بِهَذِهِ الْآيَةِ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=5وَأَعْتَدْنَا ) إِخْبَارٌ عَنِ الْمَاضِي .