( فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ) فقال : ( فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قرئ " نفخة " بالرفع والنصب ، وجه الرفع أسند الفعل إليها ، وإنما حسن تذكير الفعل للفصل ، ووجه النصب أن الفعل مسند إلى الجار والمجرور ، ثم نصب نفخة على المصدر .
المسألة الثانية : المراد من هذه النفخة الواحدة ، هي ؛ لأن عندها يحصل خراب العالم ، فإن قيل : لم قال بعد ذلك : يومئذ تعرضون ، والعرض إنما يكون عند النفخة الثانية ؟ قلنا : جعل اليوم اسما للحين الواسع الذي تقع فيه النفختان ، والصعقة والنشور ، والوقوف والحساب ، فلذلك قال : ( النفخة الأولى يومئذ تعرضون ) كما تقول : جئته عام كذا ، وإنما كان مجيئك في وقت واحد من أوقاته .
قوله تعالى : ( وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ) فيه مسألتان :
المسألة الأولى : رفعت الأرض والجبال ، إما بالزلزلة التي تكون في ، وإما بريح بلغت من قوة عصفها أنها تحمل الأرض والجبال ، أو بملك من الملائكة أو بقدرة الله من غير سبب فدكتا ، أي : فدكت الجملتان -جملة الأرض وجملة الجبال- ، فضرب بعضها ببعض ، حتى تندق وتصير ( القيامة كثيبا مهيلا ) [ المزمل : 14 ] والدك أبلغ من الدق ، وقيل : فبسطتا بسطة واحدة فصارتا أرضا ( لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ) [ طه : 107] من قولك : اندك السنام إذا انفرش ، وبعير أدك وناقة دكاء ومنه الدكان .
المسألة الثانية : قال الفراء : لا يجوز في " دكة " ههنا إلا النصب ؛ لارتفاع الضمير في " دكتا " ، ولم يقل : فدككن ؛ لأنه جعل الجبال كالواحدة والأرض كالواحدة ، كما قال : ( أن السماوات والأرض كانتا رتقا ) [الأنبياء : 30] ولم يقل : كن .