( إنهم كانوا لا يرجون حسابا )
أولهما : قوله تعالى : ( إنهم كانوا لا يرجون حسابا ) وفيه سؤالان :
الأول : وهو أن والشيء الشاق لا يقال فيه إنه يرجى ، بل يجب أن يقال : إنهم كانوا لا يخشون حسابا؟ والجواب من وجوه : الحساب شيء شاق على الإنسان،
أحدها : قال مقاتل وكثير من المفسرين : قوله (لا يرجون) معناه لا يخافون، ونظيره قولهم في تفسير قوله تعالى : ( ما لكم لا ترجون لله وقارا ) [نوح : 13] .
وثانيها : أن لأنه قاطع بأن ثواب إيمانه زائد على عقاب جميع المعاصي سوى الكفر ، فقوله : ( المؤمن لا بد وأن يرجو رحمة الله إنهم كانوا لا يرجون حسابا ) إشارة إلى أنهم ما كانوا مؤمنين .
وثالثها : أن الرجاء هاهنا بمعنى التوقع لأن الراجي للشيء متوقع له إلا أن أشرف أقسام التوقع هو الرجاء فسمي الجنس باسم أشرف أنواعه .
ورابعها : أن في هذه الآية تنبيها على أن وذلك لأن للعبد حقا على الله تعالى بحكم الوعد في جانب الثواب ولله تعالى حق على العبد في جانب العقاب، والكريم قد يسقط حق نفسه، ولا يسقط ما كان حقا لغيره عليه، فلا جرم كان جانب الرجاء أقوى في الحساب، فلهذا السبب ذكر الرجاء، ولم يذكر الخوف . الحساب مع الله جانب الرجاء فيه أغلب من جانب الخوف،
السؤال الثاني : أن الكفار كانوا قد أتوا بأنواع من القبائح والكبائر، فما السبب في أن خص الله تعالى هذا النوع من الكفر بالذكر في أول الأمر؟ الجواب : لأن إنما تكون بسبب أن ينتفع به في الآخرة، فمن أنكر الآخرة، لم يقدم على شيء من المستحسنات، ولم يحجم عن شيء من المنكرات، فقوله : ( رغبة الإنسان في فعل الخيرات وفي ترك المحظورات إنهم كانوا لا يرجون حسابا ) تنبيه على أنهم فعلوا كل شر وتركوا كل خير .