( كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها )
ثم قال تعالى : ( كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها ) وتفسير هذه الآية قد مضى ذكره في قوله : ( كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار ) [الأحقاف : 35] والمعنى أن ما أنكروه سيرونه حتى كأنهم أبدا فيه وكأنهم لم يلبثوا في الدنيا إلا ساعة من نهار ثم مضت . ( فإن قيل ) : قوله : ( أو ضحاها ) معناه ضحى العشية وهذا غير معقول لأنه ليس للعشية ضحى . ( قلنا ) : الجواب عنه من وجوه :
أحدها : قال عطاء عن : الهاء والألف صلة للكلام، يريد لم يلبثوا إلا عشية أو ضحى . ابن عباس
وثانيها : قال الفراء والزجاج : المراد بإضافة الضحى إلى العشية إضافتها إلى يوم العشية كأنه قيل : إلا عشية أو ضحى يومها، والعرب تقول : آتيك العشية أو غداتها على ما ذكرنا .
وثالثها : أن النحويين قالوا : يكفي في حسن الإضافة أدنى سبب، فالضحى المتقدم على عشية يصح أن يقال إنه ضحى تلك العشية، وزمان المحنة قد يعبر عنه بالعشية وزمان الراحة قد يعبر عنه بالضحى، يعبرون عن زمان محنتهم بالعشية وعن زمان راحتهم بضحى تلك العشية فيقولون : كأن عمرنا في الدنيا ما كان إلا هاتين الساعتين، والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا فالذين يحضرون في موقف القيامة محمد وعلى آله وصحبه وسلم .