[ ص: 35 ] ( من كل أمر )
أما قوله تعالى : ( من كل أمر ) فمعناه تنزل الملائكة والروح فيها من أجل كل أمر ، والمعنى أن كل واحد منهم إنما نزل لمهم آخر ، ثم ذكروا فيه وجوها :
أحدها : أنهم كانوا في أشغال كثيرة فبعضهم للركوع وبعضهم للسجود ، وبعضهم بالدعاء ، وكذا القول في التفكر والتعليم ، وإبلاغ الوحي ، وبعضهم لإدراك فضيلة الليلة أو ليسلموا على المؤمنين .
وثانيها : وهو قول الأكثرين من أجل كل أمر قدر في تلك السنة من خير أو شر ، وفيه إشارة إلى أن نزولهم إنما كان عبادة ، فكأنهم قالوا : ما نزلنا إلى الأرض لهوى أنفسنا ، لكن لأجل كل أمر فيه مصلحة المكلفين ، وعم لفظ الأمر ليعم خير الدنيا والآخرة بيانا منه أنهم ينزلون بما هو صلاح المكلف في دينه ودنياه كأن السائل يقول : من أين جئت ؟ فيقول : ما لك وهذا الفضول ، ولكن قل : لأي أمر جئت لأنه حظك .
وثالثها : قرأ بعضهم : " من كل امرئ " أي من أجل كل إنسان ، وروي أنهم لا يلقون مؤمنا ولا مؤمنة إلا سلموا عليه ، قيل : أليس أنه قد روي أنه تقسم الآجال والأرزاق ليلة النصف من شعبان ، والآن تقولون : إن ذلك يكون ليلة القدر ؟ قلنا : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن ، فإذا كان ليلة القدر يسلمها إلى أربابها الله يقدر المقادير في ليلة البراءة " وقيل : يقدر ليلة البراءة الآجال والأرزاق ، وليلة القدر يقدر الأمور التي فيها الخير والبركة والسلامة ، وقيل : يقدر في ليلة القدر ما يتعلق به إعزاز الدين ، وما فيه النفع العظيم للمسلمين ، وأما ليلة البراءة فيكتب فيها أسماء من يموت ويسلم إلى ملك الموت .