(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=117بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=117بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون )
اعلم أن هذا هو النوع العاشر
nindex.php?page=treesubj&link=29434_10017من مقابح أفعال اليهود والنصارى والمشركين ، واعلم أن الظاهر قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116وقالوا اتخذ الله ولدا ) أن يكون راجعا إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114ومن أظلم ممن منع مساجد الله ) وقد ذكرنا أن منهم من تأوله على
النصارى ، ومنهم من تأوله على مشركي العرب ، ونحن قد تأولناه على
اليهود ، وكل هؤلاء أثبتوا الولد لله تعالى ؛ لأن
اليهود قالوا : عزير ابن الله ،
والنصارى قالوا : المسيح ابن الله ، ومشركو العرب قالوا : الملائكة بنات الله ، فلا جرم صحت هذه الحكاية على جميع التقديرات ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : إنها نزلت
[ ص: 22 ] في
كعب بن الأشرف ،
وكعب بن أسد ،
ووهب بن يهوذا ، فإنهم جعلوا عزيرا ابن الله ، أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116سبحانه ) فهو كلمة تنزيه ينزه بها نفسه عما قالوه ، كما قال تعالى في موضع آخر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171سبحانه أن يكون له ولد ) [ النساء : 171 ] فمرة أظهره ، ومرة اقتصر عليه لدلالة الكلام عليه ، واحتج على هذا التنزيه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116بل له ما في السماوات والأرض ) [ البقرة : 116 ] ووجه الاستدلال بهذا على فساد مذهبهم من وجوه :
الأول : أن كل ما سوى الموجود الواجب ممكن لذاته ، وكل ممكن لذاته محدث ، وكل محدث فهو مخلوق لواجب الوجود ، والمخلوق لا يكون ولدا ، أما بيان أن ما سوى الموجود الواجب ممكن لذاته ، فلأنه لو وجد موجودان واجبان لذاتهما لاشتركا في وجوب الوجود ، ولامتاز كل واحد منهما عن الآخر بما به التعين ، وما به المشاركة غير ما به الممايزة ، ويلزم تركب كل واحد منهما من قيدين ، وكل مركب فإنه مفتقر إلى كل واحد من أجزائه ، وكل واحد من أجزائه من غيره ، فكل مركب فهو مفتقر إلى غيره ، وكل مفتقر إلى غيره فهو ممكن لذاته ، فكل واحد من الموجودين الواجبين لذاتهما ممكن لذاته ، هذا خلف ، ثم نقول : إن كان كل واحد من ذينك الجزأين واجبا عاد التقسيم المذكور فيه ، ويفضي إلى كونه مركبا من أجزاء غير متناهية ، وذلك محال ، ومع تسليم أنه غير محال فالمقصود حاصل ؛ لأن كل كثرة فلا بد فيها من الواحد ، فتلك الآحاد إن كانت واجبة لذواتها كانت مركبة على ما ثبت ، فالبسيط مركب ، هذا خلف ، وإن كانت ممكنة كان المركب المفتقر إليها أولى بالإمكان ، فثبت بهذا البرهان أن كل ما عدا الموجود الواجب ممكن لذاته ، وكل ممكن لذاته فهو محتاج إلى المؤثر ، وتأثير ذلك المؤثر فيه إما أن يكون حال عدمه أو حال وجوده ، فإن كان الأول فذلك الممكن محدث ، وإن كان الثاني فاحتياج ذلك الموجود إلى المؤثر ، إما أن يكون حال بقائه أو حال حدوثه ، والأول محال ؛ لأنه يقتضي إيجاد الوجود ، فتعين الثاني ، وذلك يقتضي كون ذلك الممكن محدثا ، فثبت أن كل ما سوى الله محدث مسبوق بالعدم ، وأن وجوده إنما حصل بخلق الله تعالى وإيجاده وإبداعه ، فثبت أن كل ما سواه فهو عبده وملكه ، فيستحيل أن يكون شيء مما سواه ولدا له ، وهذا البرهان إنما استفدناه من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116بل له ما في السماوات والأرض ) أي : له كل ما سواه على سبيل الملك والخلق والإيجاد والإبداع .
والثاني : أن هذا الذي أضيف إليه بأنه ولده إما أن يكون قديما أزليا أو محدثا ، فإن كان أزليا لم يكن حكمنا بجعل أحدهما ولدا والآخر والدا أولى من العكس ، فيكون ذلك الحكم حكما مجردا من غير دليل ، وإن كان الولد حادثا كان مخلوقا لذلك القديم وعبدا له ، فلا يكون ولدا له .
والثالث : أن الولد لا بد وأن يكون من جنس الوالد ، فلو فرضنا له ولدا لكان مشاركا له من بعض الوجوه ، وممتازا عنه من وجه آخر ، وذلك يقتضي كون كل واحد منهما مركبا ومحدثا ، وذلك محال ، فإذن المجانسة ممتنعة ، فالولدية ممتنعة .
الرابع : أن الولد إنما يتخذ للحاجة إليه في الكبر ، ورجاء الانتفاع بمعونته حال عجز الأب عن أمور نفسه ، فعلى هذا إيجاد الولد إنما يصح على من يصح عليه الفقر والعجز والحاجة ، فإذا كان كل ذلك محالا كان
nindex.php?page=treesubj&link=29705إيجاد الولد عليه سبحانه وتعالى محالا ، واعلم أنه تعالى حكى في مواضع كثيرة عن هؤلاء الذين يضيفون إليه الأولاد - قولهم ، واحتج عليهم بهذه الحجة ، وهي أن كل من في السماوات والأرض عبد له ، وبأنه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ، وقال في
مريم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=34ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون )
[ ص: 23 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=35ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ) [ مريم : 35 ] وقال أيضا في آخر هذه السورة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ) [ مريم : 88 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=89لقد جئتم شيئا إدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=91أن دعوا للرحمن ولدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=92وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ) [ مريم : 89-93 ] فإن قيل : ما الحكمة في أنه تعالى استدل في هذه الآية بكونه مالكا لما في السماوات والأرض ، وفي سورة
مريم بكونه مالكا لمن في السماوات والأرض على ما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ) [ مريم : 93 ] قلنا : قوله تعالى في هذه السورة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116بل له ما في السماوات والأرض ) - أتم ؛ لأن كلمة " ما " تتناول جميع الأشياء ،
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=117بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=117بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ النَّوْعُ الْعَاشِرُ
nindex.php?page=treesubj&link=29434_10017مِنْ مَقَابِحِ أَفْعَالِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الظَّاهِرَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ) أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ ) وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى
النَّصَارَى ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ ، وَنَحْنُ قَدْ تَأَوَّلْنَاهُ عَلَى
الْيَهُودِ ، وَكُلُّ هَؤُلَاءِ أَثْبَتُوا الْوَلَدَ لِلَّهِ تَعَالَى ؛ لِأَنَّ
الْيَهُودَ قَالُوا : عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ،
وَالنَّصَارَى قَالُوا : الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ، وَمُشْرِكُو الْعَرَبِ قَالُوا : الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ ، فَلَا جَرَمَ صَحَّتْ هَذِهِ الْحِكَايَةُ عَلَى جَمِيعِ التَّقْدِيرَاتِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : إِنَّهَا نَزَلَتْ
[ ص: 22 ] فِي
كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ ،
وَكَعْبِ بْنِ أَسَدٍ ،
وَوَهْبِ بْنِ يَهُوذَا ، فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا عُزَيْرًا ابْنَ اللَّهِ ، أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116سُبْحَانَهُ ) فَهُوَ كَلِمَةُ تَنْزِيهٍ يُنَزِّهُ بِهَا نَفْسَهُ عَمَّا قَالُوهُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ) [ النِّسَاءِ : 171 ] فَمَرَّةً أَظْهَرَهُ ، وَمَرَّةً اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ ، وَاحْتَجَّ عَلَى هَذَا التَّنْزِيهِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) [ الْبَقَرَةِ : 116 ] وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا عَلَى فَسَادِ مَذْهَبِهِمْ مِنْ وُجُوهٍ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ كُلَّ مَا سِوَى الْمَوْجُودِ الْوَاجِبِ مُمْكِنٌ لِذَاتِهِ ، وَكُلُّ مُمْكِنٍ لِذَاتِهِ مُحْدَثٌ ، وَكُلُّ مُحْدَثٍ فَهُوَ مَخْلُوقٌ لِوَاجِبِ الْوُجُودِ ، وَالْمَخْلُوقُ لَا يَكُونُ وَلَدًا ، أَمَّا بَيَانُ أَنَّ مَا سِوَى الْمَوْجُودِ الْوَاجِبِ مُمْكِنٌ لِذَاتِهِ ، فَلِأَنَّهُ لَوْ وُجِدَ مَوْجُودَانِ وَاجِبَانِ لِذَاتِهِمَا لَاشْتَرَكَا فِي وُجُوبِ الْوُجُودِ ، وَلَامْتَازَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنِ الْآخَرِ بِمَا بِهِ التَّعَيُّنِ ، وَمَا بِهِ الْمُشَارَكَةُ غَيْرُ مَا بِهِ الْمُمَايَزَةُ ، وَيَلْزَمُ تَرَكُّبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ قَيْدَيْنِ ، وَكُلُّ مُرَكَّبٍ فَإِنَّهُ مُفْتَقِرٌ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَجْزَائِهِ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَجْزَائِهِ مِنْ غَيْرِهِ ، فَكُلُّ مُرَكَّبٍ فَهُوَ مُفْتَقِرٌ إِلَى غَيْرِهِ ، وَكُلُّ مُفْتَقِرٍ إِلَى غَيْرِهِ فَهُوَ مُمْكِنٌ لِذَاتِهِ ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَوْجُودَيْنِ الْوَاجِبَيْنِ لِذَاتِهِمَا مُمْكِنٌ لِذَاتِهِ ، هَذَا خُلْفٌ ، ثُمَّ نَقُولُ : إِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ ذَيْنِكَ الْجُزْأَيْنِ وَاجِبًا عَادَ التَّقْسِيمُ الْمَذْكُورُ فِيهِ ، وَيُفْضِي إِلَى كَوْنِهِ مُرَكَّبًا مِنْ أَجْزَاءٍ غَيْرِ مُتَنَاهِيَةٍ ، وَذَلِكَ مُحَالٌ ، وَمَعَ تَسْلِيمِ أَنَّهُ غَيْرُ مُحَالٍ فَالْمَقْصُودُ حَاصِلٌ ؛ لِأَنَّ كُلَّ كَثْرَةٍ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْوَاحِدِ ، فَتِلْكَ الْآحَادُ إِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً لِذَوَاتِهَا كَانَتْ مُرَكَّبَةً عَلَى مَا ثَبَتَ ، فَالْبَسِيطُ مُرَكَّبٌ ، هَذَا خُلْفٌ ، وَإِنْ كَانَتْ مُمْكِنَةً كَانَ الْمُرَكَّبُ الْمُفْتَقِرُ إِلَيْهَا أَوْلَى بِالْإِمْكَانِ ، فَثَبَتَ بِهَذَا الْبُرْهَانِ أَنَّ كُلَّ مَا عَدَا الْمَوْجُودَ الْوَاجِبَ مُمْكِنٌ لِذَاتِهِ ، وَكُلُّ مُمْكِنٍ لِذَاتِهِ فَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى الْمُؤَثِّرِ ، وَتَأْثِيرُ ذَلِكَ الْمُؤَثِّرِ فِيهِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ حَالَ عَدَمِهِ أَوْ حَالَ وُجُودِهِ ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَذَلِكَ الْمُمْكِنُ مُحْدَثٌ ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَاحْتِيَاجُ ذَلِكَ الْمَوْجُودِ إِلَى الْمُؤَثِّرِ ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ حَالَ بَقَائِهِ أَوْ حَالَ حُدُوثِهِ ، وَالْأَوَّلُ مُحَالٌ ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي إِيجَادَ الْوُجُودِ ، فَتَعَيَّنَ الثَّانِي ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي كَوْنَ ذَلِكَ الْمُمْكِنِ مُحْدَثًا ، فَثَبَتَ أَنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ مُحْدَثٌ مَسْبُوقٌ بِالْعَدَمِ ، وَأَنَّ وُجُودَهُ إِنَّمَا حَصَلَ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِيجَادِهِ وَإِبْدَاعِهِ ، فَثَبَتَ أَنَّ كُلَّ مَا سِوَاهُ فَهُوَ عَبْدُهُ وَمِلْكُهُ ، فَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِمَّا سِوَاهُ وَلَدًا لَهُ ، وَهَذَا الْبُرْهَانُ إِنَّمَا اسْتَفَدْنَاهُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) أَيْ : لَهُ كُلُّ مَا سِوَاهُ عَلَى سَبِيلِ الْمِلْكِ وَالْخَلْقِ وَالْإِيجَادِ وَالْإِبْدَاعِ .
وَالثَّانِي : أَنَّ هَذَا الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ وَلَدُهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا أَزَلِيًّا أَوْ مُحْدَثًا ، فَإِنْ كَانَ أَزَلِيًّا لَمْ يَكُنْ حُكْمُنَا بِجَعْلِ أَحَدِهِمَا وَلَدًا وَالْآخَرِ وَالِدًا أَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ الْحُكْمُ حُكْمًا مُجَرَّدًا مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ حَادِثًا كَانَ مَخْلُوقًا لِذَلِكَ الْقَدِيمِ وَعَبْدًا لَهُ ، فَلَا يَكُونُ وَلَدًا لَهُ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّ الْوَلَدَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ الْوَالِدِ ، فَلَوْ فَرَضْنَا لَهُ وَلَدًا لَكَانَ مُشَارِكًا لَهُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ ، وَمُمْتَازًا عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي كَوْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُرَكَّبًا وَمُحْدَثًا ، وَذَلِكَ مُحَالٌ ، فَإِذَنِ الْمُجَانَسَةُ مُمْتَنِعَةٌ ، فَالْوَلَدِيَّةُ مُمْتَنِعَةٌ .
الرَّابِعُ : أَنَّ الْوَلَدَ إِنَّمَا يُتَّخَذُ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي الْكِبَرِ ، وَرَجَاءَ الِانْتِفَاعِ بِمَعُونَتِهِ حَالَ عَجْزِ الْأَبِ عَنْ أُمُورِ نَفْسِهِ ، فَعَلَى هَذَا إِيجَادُ الْوَلَدِ إِنَّمَا يَصِحُّ عَلَى مَنْ يَصِحُّ عَلَيْهِ الْفَقْرُ وَالْعَجْزُ وَالْحَاجَةُ ، فَإِذَا كَانَ كُلُّ ذَلِكَ مُحَالًا كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=29705إِيجَادُ الْوَلَدِ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُحَالًا ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ عَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُضِيفُونَ إِلَيْهِ الْأَوْلَادَ - قَوْلَهُمْ ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ ، وَهِيَ أَنَّ كُلَّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَبْدٌ لَهُ ، وَبِأَنَّهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ، وَقَالَ فِي
مَرْيَمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=34ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ )
[ ص: 23 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=35مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) [ مَرْيَمَ : 35 ] وَقَالَ أَيْضًا فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ) [ مَرْيَمَ : 88 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=89لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=91أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=92وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ) [ مَرْيَمَ : 89-93 ] فَإِنْ قِيلَ : مَا الْحِكْمَةُ فِي أَنَّهُ تَعَالَى اسْتَدَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِكَوْنِهِ مَالِكًا لِمَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَفِي سُورَةِ
مَرْيَمَ بِكَوْنِهِ مَالِكًا لِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَلَى مَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ) [ مَرْيَمَ : 93 ] قُلْنَا : قَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) - أَتَمُّ ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ " مَا " تَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ ،