( إن شانئك هو الأبتر ) .
قوله تعالى : ( إن شانئك هو الأبتر ) وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : ذكروا في سبب النزول وجوها :
أحدها : والعاص بن وائل السهمي يدخل فالتقيا فتحدثا ، وصناديد قريش في المسجد ، فلما دخل قالوا من الذي كنت [ ص: 124 ] تتحدث معه ؟ فقال : ذلك الأبتر ، وأقول : إن ذلك من إسرار بعضهم مع بعض ، مع أن الله تعالى أظهره ، فحينئذ يكون ذلك معجزا ، وروي أيضا أن أنه عليه السلام كان يخرج من المسجد ، العاص بن وائل كان يقول : إن محمدا أبتر لا ابن له يقوم مقامه بعده ، فإذا مات انقطع ذكره واسترحنا منه ، وكان قد مات ابنه عبد الله من ، وهذا قول خديجة ابن عباس ومقاتل والكلبي وعامة أهل التفسير .
القول الثاني : روي عن لما قدم ابن عباس كعب بن الأشرف مكة أتاه جماعة قريش فقالوا : نحن أهل السقاية والسدانة وأنت سيد أهل المدينة ، فنحن خير أم هذا الأبتر من قومه ، يزعم أنه خير منا ؟ فقال : بل أنتم خير منه فنزل : ( إن شانئك هو الأبتر ) ونزل أيضا : ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ) [ النساء : 51 ] .
والقول الثالث : قال عكرمة : لما أوحى الله إلى رسوله ودعا وشهر بن حوشب قريشا إلى الإسلام ، قالوا : بتر محمد أي خالفنا وانقطع عنا ، فأخبر تعالى أنهم هم المبتورون .
القول الرابع : نزلت في أبي جهل فإنه لما مات ابن رسول الله ، قال أبو جهل : إني أبغضه لأنه أبتر ، وهذا منه حماقة حيث أبغضه بأمر لم يكن باختياره فإن موت الابن لم يكن مراده .
القول الخامس : نزلت في عمه أبي لهب فإنه لما شافهه بقوله : تبا لك ، كان يقول في غيبته : إنه أبتر .
والقول السادس : أنها نزلت في عقبة بن أبي معيط ؛ وإنه هو الذي كان يقول ذلك ، واعلم أنه لا يبعد في كل أولئك الكفرة أن يقولوا مثل ذلك فإنهم كانوا يقولون فيه ما هو أسوأ من ذلك ، ولعل العاص بن وائل كان أكثرهم مواظبة على هذا القول ؛ فلذلك اشتهرت الروايات بأن الآية نزلت فيه .