المسألة الثالثة : الآية تدل على فضل التسبيح والتحميد  حيث جعل كافيا في أداء ما وجب عليه من شكر نعمة النصر والفتح ، ولم لا يكون كذلك وقوله : الصوم لي من أعظم الفضائل للصوم فإنه أضافه إلى ذاته ، ثم إنه جعل صدف الصلاة مساويا للصوم في هذا التشريف : ( وأن المساجد لله    ) [ الجن : 18 ] فهذا يدل على أن الصلاة أفضل من الصوم بكثير ، ثم إن الصلاة صدف للأذكار ولذلك قال : ( ولذكر الله أكبر    ) [ العنكبوت : 45 ] وكيف لا يكون كذلك ، والثناء عليه مما مدحه معلوم عقلا وشرعا أما كيفية الصلاة فلا   [ ص: 148 ] سبيل إليها إلا بالشرع ولذلك جعلت الصلاة كالمرصعة من التسبيح والتكبير ، فإن قيل : عدم وجوب التسبيحات يقتضي أنها أقل درجة من سائر أعمال الصلاة ، قلنا : الجواب عنه من وجوه : 
أحدها : أن سائر أفعال الصلاة مما لا يميل القلب إليه فاحتيج فيها إلى الإيجاب ، أما التسبيح والتهليل فالعقل داع إليه والروح عاشق عليه فاكتفى بالحب الطبيعي ولذلك قال : ( والذين آمنوا أشد حبا    ) [ البقرة : 165 ] . 
وثانيها : أن قوله : ( فسبح ) أمر والأمر المطلق للوجوب عند الفقهاء ، ومن قال : الأمر المطلق للندب قال : إنه ههنا للوجوب بقرينة أنه عطف عليه الاستغفار ، والاستغفار واجب ومن حق العطف التشريك بين المعطوف والمعطوف عليه . 
وثالثها : أنها لو وجبت لكان العقاب الحاصل بتركها أعظم إظهارا لمزيد تعظيمها فترك الإيجاب خوفا من هذا المحذور . 
				
						
						
