المسألة الثالثة : احتج الأصحاب بهذه الآية على أن لأن هذه الآية دالة على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى بجعل الله وخلقه وهذا صريح في المذهب ، قالت عدالة هذه الأمة وخيريتهم المعتزلة : المراد من هذا الجعل فعل الألطاف التي علم الله تعالى أنه متى فعلها لهذه الأمة اختاروا عندها الصواب في القول والعمل ، أجاب الأصحاب عنه من وجوه :
الأول : أن هذا ترك للظاهر وذلك مما لا يصار إليه إلا عند قيام الدلائل [ ص: 90 ] على أنه لا يمكن حمل الآية على ظاهرها ، لكنا قد بينا أن الدلائل العقلية الباهرة ليست إلا معنا ، أقصى ما للمعتزلة في هذا الباب التمسك بفصل المدح والذم والثواب والعقاب ، وقد بينا مرارا كثيرة أن هذه الطريقة منتقضة على أصولهم بمسألة العلم ومسألة الداعي ، والكلام المنقوض لا التفات إليه البتة .
الوجه الثاني : أنه تعالى قال قبل هذه الآية : ( يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) وقد بينا دلالة هذه الآية على قولنا في ، فهذه الآية يجب أن تكون محمولة على ذلك لتكون كل واحدة منهما مؤكدة لمضمون الأخرى . أنه تعالى يخص البعض بالهداية دون البعض
الوجه الثالث : أن ، وإذا كان كذلك لم يكن لتخصيص المؤمنين بهذا المعنى فائدة . كل ما في مقدور الله تعالى من الألطاف في حق الكل فقد فعله
الوجه الرابع : وهو أن الله تعالى ذكر ذلك في معرض الامتنان على هذه الأمة وفعل اللطف واجب والواجب لا يجوز ذكره في معرض الامتنان .