[ ص: 94 ] ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم ) .

قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143nindex.php?page=treesubj&link=28973_29376وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم ) .

اعلم أن قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وما جعلنا ) معناه ما شرعنا وما حكمنا كقوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=103ما جعل الله من بحيرة ) [ المائدة : 103 ] أي : ما شرعها ولا جعلها دينا ، وقوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143كنت عليها ) أي : كنت معتقدا لاستقبالها ، كقول القائل : كان لفلان على فلان دين ، وقوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143كنت عليها ) ليس بصفة للقبلة ، إنما هو ثاني مفعولي جعل ، يريد : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وما جعلنا القبلة ) الجهة التي كنت عليها .

ثم هاهنا وجهان :

الأول : أن يكون هذا الكلام بيانا nindex.php?page=treesubj&link=29376للحكمة في جعل القبلة ، وذلك لأنه - عليه الصلاة والسلام - كان يصلي بمكة إلى الكعبة ثم أمر بالصلاة إلى بيت المقدس بعد الهجرة تأليفا لليهود ، ثم حول إلى الكعبة ، فنقول : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وما جعلنا القبلة ) الجهة : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143التي كنت عليها ) أولا ، يعني : وما رددناك إليها إلا امتحانا للناس وابتلاء .

الثاني : يجوز أن يكون قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143التي كنت عليها ) لسانا للحكمة في جعل بيت المقدس قبلة ، يعني أن أصل أمرك أن تستقبل الكعبة وأن استقبالك بيت المقدس كان أمرا عارضا لغرض ، وإنما جعلنا القبلة الجهة التي كنت عليها قبل وقتك هذا ، وهي بيت المقدس ؛ لنمتحن الناس وننظر من يتبع الرسول ومن لا يتبعه وينفر عنه .

وهاهنا وجه ثالث ذكره أبو مسلم ، فقال : لولا الروايات لم تدل الآية على قبلة من قبل الرسول - عليه الصلاة والسلام - عليها ؛ لأنه قد يقال : كنت بمعنى صرت كقوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110كنتم خير أمة ) [ آل عمران : 110 ] وقد يقال : كان في معنى لم يزل كقوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=158وكان الله عزيزا حكيما ) [ النساء : 158 ] فلا يمتنع أن يراد بقوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وما جعلنا القبلة التي كنت عليها ) أي : التي لم تزل عليها وهي الكعبة إلا كذا وكذا .

[ ص: 94 ] ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ) .

قَوْلُهُ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143nindex.php?page=treesubj&link=28973_29376وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ) .

اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَمَا جَعَلْنَا ) مَعْنَاهُ مَا شَرَعْنَا وَمَا حَكَمْنَا كَقَوْلِهِ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=103مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ ) [ الْمَائِدَةِ : 103 ] أَيْ : مَا شَرَعَهَا وَلَا جَعَلَهَا دِينًا ، وَقَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143كُنْتَ عَلَيْهَا ) أَيْ : كُنْتَ مُعْتَقِدًا لِاسْتِقْبَالِهَا ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ : كَانَ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ دَيْنٌ ، وَقَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143كُنْتَ عَلَيْهَا ) لَيْسَ بِصِفَةٍ لِلْقِبْلَةِ ، إِنَّمَا هُوَ ثَانِي مَفْعُولَيْ جَعَلَ ، يُرِيدُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ ) الْجِهَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا .

ثُمَّ هَاهُنَا وَجْهَانِ :

الْأَوَّلُ : أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَلَامُ بَيَانًا nindex.php?page=treesubj&link=29376لِلْحِكْمَةِ فِي جَعْلِ الْقِبْلَةِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُصَلِّي بِمَكَّةَ إِلَى الْكَعْبَةِ ثُمَّ أُمِرَ بِالصَّلَاةِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ تَأْلِيفًا لِلْيَهُودِ ، ثُمَّ حُوِّلَ إِلَى الْكَعْبَةِ ، فَنَقُولُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ ) الْجِهَةَ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا ) أَوَّلًا ، يَعْنِي : وَمَا رَدَدْنَاكَ إِلَيْهَا إِلَّا امْتِحَانًا لِلنَّاسِ وَابْتِلَاءً .

الثَّانِي : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا ) لِسَانًا لِلْحِكْمَةِ فِي جَعْلِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قِبْلَةً ، يَعْنِي أَنَّ أَصْلَ أَمْرِكَ أَنْ تَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ وَأَنَّ اسْتِقْبَالَكَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ كَانَ أَمْرًا عَارِضًا لِغَرَضٍ ، وَإِنَّمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الْجِهَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا قَبْلَ وَقْتِكَ هَذَا ، وَهِيَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ ؛ لِنَمْتَحِنَ النَّاسَ وَنَنْظُرَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ وَمَنْ لَا يَتَّبِعُهُ وَيَنْفِرُ عَنْهُ .

وَهَاهُنَا وَجْهٌ ثَالِثٌ ذَكَرَهُ أَبُو مُسْلِمٍ ، فَقَالَ : لَوْلَا الرِّوَايَاتُ لَمْ تَدُلَّ الْآيَةُ عَلَى قِبْلَةٍ مِنْ قِبَلِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ : كُنْتَ بِمَعْنَى صِرْتَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 110 ] وَقَدْ يُقَالُ : كَانَ فِي مَعْنَى لَمْ يَزَلْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=158وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) [ النِّسَاءِ : 158 ] فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا ) أَيِ : الَّتِي لَمْ تَزَلْ عَلَيْهَا وَهِيَ الْكَعْبَةُ إِلَّا كَذَا وَكَذَا .