(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم )
قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم )
وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : اعلم أن تعلق هذه الآية بما قبلها من وجوه :
أحدها : أن
nindex.php?page=treesubj&link=29376الله تعالى بين أنه إنما حول القبلة إلى الكعبة ليتم إنعامه على محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته بإحياء شرائع
إبراهيم ودينه على ما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150ولأتم نعمتي عليكم ) وكان
nindex.php?page=treesubj&link=33029_31852السعي بين الصفا والمروة من شعائر إبراهيم على ما ذكر في قصة بناء
الكعبة وسعي
هاجر بين الجبلين ، فلما كان الأمر كذلك ذكر الله تعالى هذا الحكم عقيب تلك الآية .
وثانيها : أنه تعالى لما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155وبشر الصابرين ) قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إن الصفا والمروة من شعائر الله ) وإنما جعلهما كذلك ؛ لأنهما من آثار
هاجر وإسماعيل مما جرى عليهما من البلوى ، واستدلوا بذلك على أن
nindex.php?page=treesubj&link=19579من صبر على البلوى لا بد وأن يصل إلى أعظم الدرجات وأعلى المقامات .
وثالثها : أن أقسام تكليف الله تعالى ثلاثة :
أحدها : ما يحكم العقل بحسنه في أول الأمر فذكر هذا القسم أولا وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=152فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ) [ البقرة : 152 ] فإن كل عاقل يعلم أن ذكر المنعم بالمدح والثناء والمواظبة على شكره أمر مستحسن في العقول .
وثانيها : ما يحكم العقل بقبحه في أول الأمر إلا أنه بسبب ورود الشرع به يسلم حسنه ، وذلك مثل إنزال الآلام والفقر والمحن ، فإن ذلك كالمستقبح في العقول ؛ لأن الله تعالى لا ينتفع به ويتألم العبد منه ، فكان ذلك كالمستقبح إلا أن الشرع لما ورد به وبين الحكمة فيه ، وهي الابتلاء والامتحان على ما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ) فحينئذ يعتقد المسلم حسنه وكونه حكمة وصوابا .
وثالثها : الأمر الذي لا يهتدى لا إلى حسنه ولا إلى قبحه ، بل يراه كالعبث الخالي عن
[ ص: 143 ] المنفعة والمضرة وهو مثل أفعال الحج من السعي بين
الصفا والمروة ، فذكر الله تعالى هذا القسم عقيب القسمين الأولين ليكون قد نبه على جميع أقسام تكاليفه وذاكرا لكلها على سبيل الاستيفاء والاستقصاء ، والله أعلم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ )
قَوْلُهُ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ )
وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اعْلَمْ أَنَّ تَعَلُّقَ هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29376اللَّهَ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّهُ إِنَّمَا حَوَّلَ الْقِبْلَةَ إِلَى الْكَعْبَةِ لِيُتِمَّ إِنْعَامَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُمَّتِهِ بِإِحْيَاءِ شَرَائِعِ
إِبْرَاهِيمَ وَدِينِهِ عَلَى مَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ ) وَكَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=33029_31852السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ شَعَائِرِ إِبْرَاهِيمَ عَلَى مَا ذَكَرَ فِي قِصَّةِ بِنَاءِ
الْكَعْبَةِ وَسَعْيِ
هَاجَرَ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ ، فَلَمَّا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْحُكْمَ عَقِيبَ تِلْكَ الْآيَةِ .
وَثَانِيهَا : أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ) وَإِنَّمَا جَعَلَهُمَا كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ آثَارِ
هَاجَرَ وَإِسْمَاعِيلَ مِمَّا جَرَى عَلَيْهِمَا مِنَ الْبَلْوَى ، وَاسْتَدَلُّوا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19579مَنْ صَبَرَ عَلَى الْبَلْوَى لَا بُدَّ وَأَنْ يَصِلَ إِلَى أَعْظَمِ الدَّرَجَاتِ وَأَعْلَى الْمَقَامَاتِ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّ أَقْسَامَ تَكْلِيفِ اللَّهِ تَعَالَى ثَلَاثَةٌ :
أَحَدُهَا : مَا يَحْكُمُ الْعَقْلُ بِحُسْنِهِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فَذَكَرَ هَذَا الْقِسْمَ أَوَّلًا وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=152فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ) [ الْبَقَرَةِ : 152 ] فَإِنَّ كُلَّ عَاقِلٍ يَعْلَمُ أَنَّ ذِكْرَ الْمُنْعِمِ بِالْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ وَالْمُوَاظَبَةِ عَلَى شُكْرِهِ أَمْرٌ مُسْتَحْسَنٌ فِي الْعُقُولِ .
وَثَانِيهَا : مَا يَحْكُمُ الْعَقْلُ بِقُبْحِهِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ إِلَّا أَنَّهُ بِسَبَبِ وُرُودِ الشَّرْعِ بِهِ يُسَلِّمُ حُسْنَهُ ، وَذَلِكَ مِثْلُ إِنْزَالِ الْآلَامِ وَالْفَقْرِ وَالْمِحَنِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ كَالْمُسْتَقْبَحِ فِي الْعُقُولِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَتَأَلَّمُ الْعَبْدُ مِنْهُ ، فَكَانَ ذَلِكَ كَالْمُسْتَقْبَحِ إِلَّا أَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا وَرَدَ بِهِ وَبَيَّنَ الْحِكْمَةَ فِيهِ ، وَهِيَ الِابْتِلَاءُ وَالِامْتِحَانُ عَلَى مَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ ) فَحِينَئِذٍ يَعْتَقِدُ الْمُسْلِمُ حُسْنَهُ وَكَوْنَهُ حِكْمَةً وَصَوَابًا .
وَثَالِثُهَا : الْأَمْرُ الَّذِي لَا يُهْتَدَى لَا إِلَى حُسْنِهِ وَلَا إِلَى قُبْحِهِ ، بَلْ يَرَاهُ كَالْعَبَثِ الْخَالِي عَنِ
[ ص: 143 ] الْمَنْفَعَةِ وَالْمَضَرَّةِ وَهُوَ مِثْلُ أَفْعَالِ الْحَجِّ مِنَ السَّعْيِ بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، فَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْقِسْمَ عَقِيبَ الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلِينَ لِيَكُونَ قَدْ نَبَّهَ عَلَى جَمِيعِ أَقْسَامِ تَكَالِيفِهِ وَذَاكِرًا لِكُلِّهَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِيفَاءِ وَالِاسْتِقْصَاءِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .