البحث الثالث : احتجوا على أن ، [ ص: 165 ] فقالوا : شاهدنا لهذه الأفلاك السبعة حركات أسرع من حركات هذه الثوابت ، وثبت أن الكواكب لا تتحرك إلا بحركة الفلك ، وهذا يقتضي كون هذه الثوابت مركوزة في كرة سوى هذه السبعة ، ولا يجوز أن تكون مركوزة في الفلك الأعظم ؛ لأنه سريع الحركة ، يدور في كل يوم وليلة دورة واحدة بالتقريب ، ثم قالوا : إنها مركوزة في كرة فوق كرات هذه السبعة ؛ لأن هذه الكواكب السبعة قد تكسف تلك الثوابت ، والكاسف تحت المكسوف ، فكرات هذه السبعة وجب أن تكون دون كرات الثوابت . الكواكب الثابتة مركوزة في فلك فوق أفلاك هذه الكواكب السبعة
وهذا الطريق أيضا ضعيف من وجوه :
أحدها : أنا لا نسلم أن الكوكب لا يتحرك إلا بحركة فلكية ، وهم إنما بنوا على امتناع الخرق على الأفلاك ، ونحن قد بينا ضعف دلائلهم على ذلك .
وثانيها : سلمنا أنه لا بد لهذه الثوابت من كرات أخرى إلا أن مذهبكم أن كل كرة من هذه الكرات السبعة تنقسم إلى أقسام كثيرة ، ومجموعها هو الفلك الممثل ، وأن هذه الممثلة بطيئة الحركة على وفق حركة كرة الثوابت ، فلم لا يجوز أن يقال : هذه الثوابت مركوزة في هذه الممثلات البطيئة الحركة ، فأما السيارات فإنها مركوزة في الحوامل التي هي أفلاك خارجة المركز ، وعلى هذا التقدير لا حاجة إلى إثبات كرة الثوابت .
وثالثها : هب أنه لا بد من كرة أخرى فلم لا يجوز أن يكون هناك كرتان إحداهما فوق كرة زحل ، والأخرى دون كرة القمر ؛ وذلك لأن هذه السيارات لا تمر إلا بالثوابت الواقعة في ممر تلك السيارات ، فأما الثوابت المقاربة للقطبين فإن السيارات لا تمر بشيء منها ولا تكسفها ، فالثوابت التي تنكسف بهذه السيارات هب أنا حكمنا بكونها مركوزة في كرة فوق كرة زحل ، أما التي لا تنكسف بهذه السيارات فكيف نعلم أنها ليست دون السيارات ، فثبت أن الذي قالوه غير برهاني ، بل احتمالي .