البحث الثالث : لم قيل ( شيء ) من العفو ؟
والجواب من وجهين :
أحدهما : أن هذا إنما يشكل إذا كان الحق ليس إلا القود فقط ، فحينئذ يقال : القود لا يتبعض فلا يبقى لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178شيء ) فائدة ، أما إذا كان مجموع حقه إما القود وإما المال كان مجموع حقه متبعضا ؛ لأن له أن يعفو عن القود دون المال ، وله أن يعفو عن الكل ، فلما كان الأمر كذلك جاز أن يقول (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178فمن عفي له من أخيه شيء ) .
والجواب الثاني : أن تنكير الشيء يفيد فائدة عظيمة ؛ لأنه يجوز أن يتوهم أن
nindex.php?page=treesubj&link=9248العفو لا يؤثر في سقوط القود ، إلا أن يكون عفوا عن جميعه ، فبين تعالى أن العفو عن جزئه كالعفو عن كله في سقوط القود ، وعفو
[ ص: 47 ] بعض الأولياء عن حقه ، كعفو جميعهم عن خلقهم ، فلو عرف الشيء كان لا يفهم منه ذلك ، فلما نكره صار هذا المعنى مفهوما منه ، فلذلك قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178فمن عفي له من أخيه شيء ) .
الْبَحْثُ الثَّالِثُ : لِمَ قِيلَ ( شَيْءٌ ) مِنَ الْعَفْوِ ؟
وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ هَذَا إِنَّمَا يُشْكِلُ إِذَا كَانَ الْحَقُّ لَيْسَ إِلَّا الْقَوَدَ فَقَطْ ، فَحِينَئِذٍ يُقَالُ : الْقَوَدُ لَا يَتَبَعَّضُ فَلَا يَبْقَى لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178شَيْءٌ ) فَائِدَةٌ ، أَمَّا إِذَا كَانَ مَجْمُوعُ حَقِّهِ إِمَّا الْقَوَدُ وَإِمَّا الْمَالُ كَانَ مَجْمُوعُ حَقِّهِ مُتَبَعِّضًا ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنِ الْقَوَدِ دُونَ الْمَالِ ، وَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنِ الْكُلِّ ، فَلَمَّا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ جَازَ أَنْ يَقُولَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ ) .
وَالْجَوَابُ الثَّانِي : أَنَّ تَنْكِيرَ الشَّيْءِ يُفِيدُ فَائِدَةً عَظِيمَةً ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=9248الْعَفْوَ لَا يُؤَثِّرُ فِي سُقُوطِ الْقَوَدِ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَفْوًا عَنْ جَمِيعِهِ ، فَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ الْعَفْوَ عَنْ جُزْئِهِ كَالْعَفْوِ عَنْ كُلِّهِ فِي سُقُوطِ الْقَوَدِ ، وَعَفْوُ
[ ص: 47 ] بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ عَنْ حَقِّهِ ، كَعَفْوِ جَمِيعِهِمْ عَنْ خَلْقِهِمْ ، فَلَوْ عَرَّفَ الشَّيْءَ كَانَ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ ، فَلَمَّا نَكَّرَهُ صَارَ هَذَا الْمَعْنَى مَفْهُومًا مِنْهُ ، فَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ ) .