المسألة الثانية : 
قال عطاء    : الاستعاذة  واجبة لكل قراءة ، سواء كانت في الصلاة أو في غيرها ، وقال ابن سيرين    : إذا تعوذ الرجل مرة واحدة في عمره فقد كفى في إسقاط الوجوب ، وقال الباقون : إنها غير واجبة . 
حجة الجمهور أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم الأعرابي الاستعاذة في جملة أعمال الصلاة ، ولقائل أن يقول : إن ذلك الخبر غير مشتمل على بيان جملة واجبات الصلاة ، فلا يلزم من عدم ذكر الاستعاذة فيه عدم وجوبها . 
واحتج عطاء  على وجوب الاستعاذة بوجوه : 
الأول : أنه عليه السلام واظب عليه ، فيكون واجبا ؛ لقوله تعالى : ( واتبعوه    ) [ الأعراف : 158 ] . 
الثاني : أن قوله تعالى : ( فاستعذ    ) أمر وهو للوجوب ، ثم إنه يجب القول بوجوبه عند كل القراءات ؛ لأنه تعالى قال : ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله    ) [ النحل : 98 ] وذكر الحكم عقيب الوصف المناسب يدل على التعليل ، والحكم يتكرر لأجل تكرر العلة . 
الثالث : أنه تعالى أمر بالاستعاذة لدفع الشر من الشيطان الرجيم ؛ لأن قوله : ( فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم    ) مشعر بذلك ، ودفع شر الشيطان واجب ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، فوجب أن تكون الاستعاذة واجبة . 
الرابع : أن طريقة الاحتياط توجب الاستعاذة ، فهذا ما لخصناه في هذه المسألة . 
				
						
						
