المسألة الخامسة : قال رضي الله عنه في الأم : الشافعي ثم قال : والذي أقوله أنه لا يتعوذ إلا في الركعة الأولى ، وأقول : له أن يحتج عليه بأن الأصل هو العدم ، قيل إنه يتعوذ في كل ركعة فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله ) وكلمة إذا لا تفيد العموم ، ولقائل أن يقول : قد ذكرنا أن ترتيب الحكم على الوصف المناسب يدل على العلية ، فيلزم أن يتكرر الحكم بتكرر العلة ، والله أعلم . وما لأجله أمرنا بذكر الاستعاذة هو قوله : (
المسألة السادسة :
أنه تعالى قال في سورة النحل : ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) [ النحل : 98 ] وقال في سورة أخرى : ( إنه هو السميع العليم ) [ الأنفال : 61 ] وفي سورة ثالثة : ( إنه سميع عليم ) [ الأعراف : 200 ] .
فلهذا السبب اختلف العلماء فقال : واجب أن الشافعي ، وهو قول يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قالوا : لأن هذا النظم موافق لقوله تعالى : فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، وموافق أيضا لظاهر الخبر الذي رويناه عن أبي حنيفة ، وقال جبير بن مطعم أحمد : الأولى أن يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إنه هو السميع العليم جمعا بين الآيتين ، وقال بعض أصحابنا : الأولى أن يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ؛ لأن هذا أيضا جمع بين الآيتين ، وروى في كتاب السنن عن البيهقي أنه قال : أبي سعيد الخدري . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر ثلاثا وقال : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
وقال الثوري : الأولى أن يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم ، وروى والأوزاعي الضحاك عن ابن عباس أن أول ما نزل جبريل على محمد عليه الصلاة والسلام قال : قل يا محمد : أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ثم قال : قل : بسم الله الرحمن الرحيم ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) [ العلق : 1 ] .
وبالجملة ، والتسمية توجه القلب إلى هيبة جلال الله ، والله الهادي . فالاستعاذة تطهر القلب عن كل ما يكون مانعا من الاستغراق في الله