أما قوله تعالى : ( وأخرجوهم من حيث أخرجوكم ) ففيه بحثان :
البحث الأول : أن الإخراج يحتمل وجهين :
أحدهما : أنهم كلفوهم الخروج قهرا .
والثاني : أنهم بالغوا في تخويفهم وتشديد الأمر عليهم ، حتى صاروا مضطرين إلى الخروج .
البحث الثاني : أن صيغة " حيث " تحتمل وجهين :
أحدهما : أخرجوهم من الموضع الذي أخرجوكم وهو مكة .
والثاني : أخرجوهم من منازلكم . إذا عرفت هذا فنقول : إن الله تعالى أمر المؤمنين بأن يخرجوا أولئك الكفار من مكة إن أقاموا على شركهم إن تمكنوا منه ، لكنه كان في المعلوم أنهم يتمكنون منه فيما بعد ، ولهذا السبب أجلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل مشرك من الحرم ، ثم أجلاهم أيضا من المدينة ، وقال عليه الصلاة والسلام : " لا يجتمع دينان في جزيرة العرب " .