المسألة الثانية : أما الرفث فقد فسرناه في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ) [البقرة : 187] والمراد : الجماع ، وقال
الحسن : المراد منه كل ما يتعلق بالجماع ،
nindex.php?page=treesubj&link=3471فالرفث باللسان ذكر المجامعة وما يتعلق بها ،
nindex.php?page=treesubj&link=3471والرفث باليد اللمس والغمز ،
nindex.php?page=treesubj&link=3471_3466والرفث بالفرج الجماع ، وهؤلاء قالوا : التلفظ به في غيبة النساء لا يكون رفثا ، واحتجوا بأن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس كان يحدو بعيره وهو محرم ويقول :
وهن يمشين بنا هميسا إن تصدق الطير ننك لميسا
فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية : أترفث وأنت محرم ؟ قال : إنما الرفث ما قيل عند النساء ، وقال آخرون : الرفث هو قول الخنا والفحش ، واحتج هؤلاء بالخبر واللغة ؛ أما الخبر فقوله عليه الصلاة والسلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011831إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل ، فإن امرؤ شاتمه فليقل : إني صائم ومعلوم أن الرفث ههنا لا يحتمل إلا قول الخنا والفحش ، وأما اللغة فهو أنه روي عن
أبي عبيد أنه قال : الرفث الإفحاش في المنطق ، يقال : أرفث الرجل إرفاثا ، وقال
أبو عبيدة : الرفث اللغو من الكلام .
أما الفسوق فاعلم أن الفسق والفسوق واحد وهما مصدران لفسق يفسق ، وقد ذكرنا فيما قبل أن
nindex.php?page=treesubj&link=3471الفسوق هو الخروج عن الطاعة ، واختلف المفسرون فكثير من المحققين حملوه على كل المعاصي ، قالوا : لأن اللفظ صالح للكل ومتناول له ، والنهي عن الشيء يوجب الانتهاء عن جميع أنواعه ، فحمل اللفظ على بعض أنواع الفسوق تحكم من غير دليل ، وهذا متأكد بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50ففسق عن أمر ربه ) [الكهف : 50] وبقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=7وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان ) [الحجرات : 7] .
وذهب بعضهم إلى أن المراد منه بعض الأنواع ثم ذكروا وجوها :
الأول : المراد منه السباب ، واحتجوا عليه بالقرآن والخبر ، أما القرآن فقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=11ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ) [الحجرات : 11] وأما الخبر فقوله عليه الصلاة والسلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011832nindex.php?page=treesubj&link=18070سباب المسلم [ ص: 141 ] فسوق وقتاله كفر
والثاني : المراد منه الإيذاء والإفحاش ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم ) [البقرة : 282] .
والثالث : قال
ابن زيد : هو الذبح للأصنام فإنهم كانوا في حجهم يذبحون لأجل الحج ، ولأجل الأصنام ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق ) [الأنعام : 121] ؛ وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145أو فسقا أهل لغير الله به ) [الأنعام : 145] .
والرابع : قال
ابن عمر : إنه العاصي في قتل الصيد وغيره مما يمنع الإحرام منه .
والخامس : أن الرفث هو الجماع ومقدماته مع الحليلة ، والفسوق هو الجماع ومقدماته على سبيل الزنا .
والسادس : قال
محمد بن الطبري : الفسوق هو العزم على الحج إذا لم يعزم على ترك محظوراته .
وأما الجدال فهو فعال من المجادلة ، وأصله من الجدل الذي من القتل ، يقال : زمام مجدول وجديل ، أي مفتول ، والجديل اسم الزمام لأنه لا يكون إلا مفتولا ، وسميت المخاصمة مجادلة لأن كل واحد من الخصمين يروم أن يفتل صاحبه عن رأيه ، وذكر المفسرون وجوها في هذا الجدال .
فالأول : قال
الحسن : هو الجدال الذي يخاف منه الخروج إلى السباب والتكذيب والتجهيل .
والثاني : قال
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي : إن
قريشا كانوا إذا اجتمعوا
بمنى ، قال بعضهم : حجنا أتم ، وقال آخرون : بل حجنا أتم ، فنهاهم الله تعالى عن ذلك .
والثالث : قال
مالك في "الموطأ" الجدال في الحج
nindex.php?page=treesubj&link=33032أن قريشا كانوا يقفون عند المشعر الحرام في المزدلفة بقزح ، وكان غيرهم يقفون
بعرفات وكانوا يتجادلون يقول هؤلاء : نحن أصوب ، ويقول هؤلاء : نحن أصوب ، قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=68وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون ) [الحج : 67] قال
مالك : هذا هو الجدال فيما يروى والله أعلم .
والرابع : قال
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد :
nindex.php?page=treesubj&link=3471الجدال في الحج أن يقول بعضهم : الحج اليوم ، وآخرون يقولون : بل غدا ، وذلك أنهم أمروا أن يجعلوا حساب الشهور على رؤية الأهلة ، وآخرون كانوا يجعلونه على العدد فبهذا السبب كانوا يختلفون ، فبعضهم يقول : هذا اليوم يوم العيد . وبعضهم يقول : بل غدا ، فالله تعالى نهاهم عن ذلك ، فكأنه قيل لهم : قد بينا لكم أن الأهلة مواقيت للناس والحج ، فاستقيموا على ذلك ولا تجادلوا فيه من غير هذه الجهة .
الخامس : قال
القفال رحمه الله تعالى : يدخل في هذا النهي ما جادلوا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011833حين أمرهم nindex.php?page=treesubj&link=25649بفسخ الحج إلى العمرة ؛ فشق عليهم ذلك وقالوا : نروح إلى منى ومذاكيرنا تقطر منيا ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ، ولجعلتها عمرة وتركوا الجدال حينئذ .
السادس : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16327عبد الرحمن بن زيد : جدالهم في الحج بسبب اختلافهم في أيهم المصيب في الحج لوقت
إبراهيم عليه الصلاة والسلام .
السابع : أنهم كانوا مختلفين في السنين ، فقيل لهم : لا جدال في الحج ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=20500الزمان استدار وعاد إلى ما كان عليه الحج في وقت إبراهيم عليه السلام ، وهو المراد بقوله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011834ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض فهذا مجموع ما قاله المفسرون في هذا الباب .
[ ص: 142 ] وذكر القاضي كلاما حسنا في هذا الموضع ، فقال : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) يحتمل أن يكون خبرا وأن يكون نهيا كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=9لا ريب فيه ) [آل عمران : 9] أي لا ترتابوا فيه ، وظاهر اللفظ للخبر ، فإذا حملناه على الخبر كان معناه أن الحج لا يثبت مع واحدة من هذه الخلال ، بل يفسد ؛ لأنه كالضد لها ، وهي مانعة من صحته ، وعلى هذا الوجه لا يستقيم المعنى ، إلا أن يراد بالرفث الجماع المفسد للحج ، ويحمل الفسوق على الزنا ؛ لأنه يفسد الحج ، ويحمل الجدال على الشك في الحج ووجوبه ؛ لأن ذلك يكون كفرا فلا يصح معه الحج ، وإنما حملنا هذه الألفاظ الثلاثة على هذه المعاني حتى يصح خبر الله بأن هذه الأشياء لا توجد مع الحج ، فإن قيل : أليس أن مع هذه الأشياء يصير الحج فاسدا ، ويجب على صاحبه المضي فيه ، وإذا كان الحج باقيا معها لم يصدق الخبر بأن هذه الأشياء لا توجد مع الحج ، قلنا : المراد من الآية حصول المضادة بين هذه الأشياء وبين الحجة التي أمر الله تعالى بها ابتداء ، وتلك الحجة الصحيحة لا تبقى مع هذه الأشياء بدليل أنه يجب قضاؤها ، والحجة الفاسدة التي يجب عليه المضي فيها شيء آخر سوى تلك الحجة التي أمر الله تعالى بها ابتداء ، وأما الجدال الحاصل بسبب الشك في وجوب الحج فظاهر أنه لا يبقى معه عمل الحج ؛ لأن ذلك كفر ، وعمل الحج مشروط بالإسلام ، فثبت أنا إذا حملنا اللفظ على الخبر وجب حمل الرفث والفسوق والجدال على ما ذكرناه ، أما إذا حملناه على النهي وهو في الحقيقة عدول عن ظاهر اللفظ ، فقد يصح أن يراد بالرفث الجماع ومقدماته وقول الفحش ، وأن يراد بالفسوق جميع أنواعه ، وبالجدال جميع أنواعه ؛ لأن اللفظ مطلق ومتناول لكل هذه الأقسام ، فيكون النهي عنها نهيا عن جميع أقسامها ، وعلى هذا الوجه تكون هذه الآية كالحث على الأخلاق الجميلة ، والتمسك بالآداب الحسنة ، والاحتراز عما يحبط ثواب الطاعات .
المسألة الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=3471الحكمة في أن الله تعالى ذكر هذه الألفاظ الثلاثة لا أزيد ولا أنقص ، وهو قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) هي أنه قد ثبت في العلوم العقلية أن الإنسان فيه قوى أربعة : قوة شهوانية بهيمية ، وقوة غضبية سبعية ، وقوة وهمية شيطانية ، وقوة عقلية ملكية ، والمقصود من جميع العبادات قهر القوى الثلاثة ، أعني الشهوانية ، والغضبية ، والوهمية ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فلا رفث ) إشارة إلى قهر القوة الشهوانية ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197ولا فسوق ) إشارة إلى قهر القوة الغضبية التي توجب التمرد والغضب ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197ولا جدال ) إشارة إلى القوة الوهمية التي تحمل الإنسان على الجدال في ذات الله ، وصفاته ، وأفعاله ، وأحكامه ، وأسمائه ، وهي الباعثة للإنسان على منازعة الناس ومماراتهم ، والمخاصمة معهم في كل شيء ، فلما كان منشأ الشر محصورا في هذه الأمور الثلاثة لا جرم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) أي فمن قصد معرفة الله ومحبته والاطلاع على نور جلاله ، والانخراط في سلك الخواص من عباده ، فلا يكون فيه هذه الأمور ، وهذه أسرار نفيسة هي المقصد الأقصى من هذه الآيات ، فلا ينبغي أن يكون العاقل غافلا عنها ، ومن الله التوفيق في كل الأمور .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : أَمَّا الرَّفَثُ فَقَدْ فَسَّرْنَاهُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ) [الْبَقَرَةِ : 187] وَالْمُرَادُ : الْجِمَاعُ ، وَقَالَ
الْحَسَنُ : الْمُرَادُ مِنْهُ كُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=3471فَالرَّفَثُ بِاللِّسَانِ ذِكْرُ الْمُجَامَعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ،
nindex.php?page=treesubj&link=3471وَالرَّفَثُ بِالْيَدِ اللَّمْسُ وَالْغَمْزُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=3471_3466وَالرَّفَثُ بِالْفَرَجِ الْجِمَاعُ ، وَهَؤُلَاءِ قَالُوا : التَّلَفُّظُ بِهِ فِي غَيْبَةِ النِّسَاءِ لَا يَكُونُ رَفَثًا ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَحْدُو بَعِيرَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَيَقُولُ :
وَهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسَا إِنْ تَصْدُقِ الطَّيْرُ نَنِكْ لَمِيسَا
فَقَالَ لَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11873أَبُو الْعَالِيَةِ : أَتَرْفُثُ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ ؟ قَالَ : إِنَّمَا الرَّفَثُ مَا قِيلَ عِنْدَ النِّسَاءِ ، وَقَالَ آخَرُونَ : الرَّفَثُ هُوَ قَوْلُ الْخَنَا وَالْفُحْشِ ، وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِالْخَبَرِ وَاللُّغَةِ ؛ أَمَّا الْخَبَرُ فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011831إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ : إِنِّي صَائِمٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّفَثَ هَهُنَا لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا قَوْلَ الْخَنَا وَالْفُحْشِ ، وَأَمَّا اللُّغَةُ فَهُوَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ
أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ : الرَّفَثُ الْإِفْحَاشُ فِي الْمَنْطِقِ ، يُقَالُ : أَرْفَثَ الرَّجُلُ إِرْفَاثًا ، وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : الرَّفَثُ اللَّغْوُ مِنَ الْكَلَامِ .
أَمَّا الْفُسُوقُ فَاعْلَمْ أَنَّ الْفِسْقَ وَالْفُسُوقَ وَاحِدٌ وَهُمَا مَصْدَرَانِ لِفَسَقَ يَفْسُقُ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا قَبْلُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=3471الْفُسُوقَ هُوَ الْخُرُوجُ عَنِ الطَّاعَةِ ، وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فَكَثِيرٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ حَمَلُوهُ عَلَى كُلِّ الْمَعَاصِي ، قَالُوا : لِأَنَّ اللَّفْظَ صَالِحٌ لِلْكُلِّ وَمُتَنَاوِلٌ لَهُ ، وَالنَّهْيُ عَنِ الشَّيْءِ يُوجِبُ الِانْتِهَاءَ عَنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِهِ ، فَحَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى بَعْضِ أَنْوَاعِ الْفُسُوقِ تَحَكُّمٌ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ ، وَهَذَا مُتَأَكَّدٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ) [الْكَهْفِ : 50] وَبِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=7وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ) [الْحُجُرَاتِ : 7] .
وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ بَعْضُ الْأَنْوَاعِ ثُمَّ ذَكَرُوا وُجُوهًا :
الْأَوَّلُ : الْمُرَادُ مِنْهُ السِّبَابُ ، وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ وَالْخَبَرِ ، أَمَّا الْقُرْآنُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=11وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ) [الْحُجُرَاتِ : 11] وَأَمَّا الْخَبَرُ فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011832nindex.php?page=treesubj&link=18070سِبَابُ الْمُسْلِمِ [ ص: 141 ] فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ
وَالثَّانِي : الْمُرَادُ مِنْهُ الْإِيذَاءُ وَالْإِفْحَاشُ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ ) [الْبَقَرَةِ : 282] .
وَالثَّالِثُ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : هُوَ الذَّبْحُ لِلْأَصْنَامِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا فِي حَجِّهِمْ يَذْبَحُونَ لِأَجْلِ الْحَجِّ ، وَلِأَجْلِ الْأَصْنَامِ ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ) [الْأَنْعَامِ : 121] ؛ وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ) [الْأَنْعَامِ : 145] .
وَالرَّابِعُ : قَالَ
ابْنُ عُمَرَ : إِنَّهُ الْعَاصِي فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَمْنَعُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ .
وَالْخَامِسُ : أَنَّ الرَّفَثَ هُوَ الْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ مَعَ الْحَلِيلَةِ ، وَالْفُسُوقُ هُوَ الْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ عَلَى سَبِيلِ الزِّنَا .
وَالسَّادِسُ : قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ الطَّبَرِيِّ : الْفُسُوقُ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْحَجِّ إِذَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى تَرْكِ مَحْظُورَاتِهِ .
وَأَمَّا الْجِدَالُ فَهُوَ فِعَالٌ مِنَ الْمُجَادَلَةِ ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْجَدَلِ الَّذِي مِنَ الْقَتْلِ ، يُقَالُ : زِمَامٌ مَجْدُولٌ وَجَدِيلٌ ، أَيْ مَفْتُولٌ ، وَالْجَدِيلُ اسْمُ الزِّمَامِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا مَفْتُولًا ، وَسُمِّيَتِ الْمُخَاصَمَةُ مُجَادَلَةً لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَصْمَيْنِ يَرُومُ أَنْ يَفْتِلَ صَاحِبُهُ عَنْ رَأْيِهِ ، وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ وُجُوهًا فِي هَذَا الْجِدَالِ .
فَالْأَوَّلُ : قَالَ
الْحَسَنُ : هُوَ الْجِدَالُ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ الْخُرُوجُ إِلَى السِّبَابِ وَالتَّكْذِيبِ وَالتَّجْهِيلِ .
وَالثَّانِي : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ : إِنَّ
قُرَيْشًا كَانُوا إِذَا اجْتَمَعُوا
بِمِنًى ، قَالَ بَعْضُهُمْ : حَجُّنَا أَتَمُّ ، وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ حَجُّنَا أَتَمُّ ، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ .
وَالثَّالِثُ : قَالَ
مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" الْجِدَالُ فِي الْحَجِّ
nindex.php?page=treesubj&link=33032أَنَّ قُرَيْشًا كَانُوا يَقِفُونَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فِي الْمُزْدَلِفَةِ بِقُزَحَ ، وَكَانَ غَيْرُهُمْ يَقِفُونَ
بِعَرَفَاتٍ وَكَانُوا يَتَجَادَلُونَ يَقُولُ هَؤُلَاءِ : نَحْنُ أَصْوَبُ ، وَيَقُولُ هَؤُلَاءِ : نَحْنُ أَصْوَبُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=68وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ) [الْحَجِّ : 67] قَالَ
مَالِكٌ : هَذَا هُوَ الْجِدَالُ فِيمَا يُرْوَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَالرَّابِعُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14946الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ :
nindex.php?page=treesubj&link=3471الْجِدَالُ فِي الْحَجِّ أَنْ يَقُولَ بَعْضُهُمْ : الْحَجُّ الْيَوْمَ ، وَآخَرُونَ يَقُولُونَ : بَلْ غَدًا ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أُمِرُوا أَنْ يَجْعَلُوا حِسَابَ الشُّهُورِ عَلَى رُؤْيَةِ الْأَهِلَّةِ ، وَآخَرُونَ كَانُوا يَجْعَلُونَهُ عَلَى الْعَدَدِ فَبِهَذَا السَّبَبِ كَانُوا يَخْتَلِفُونَ ، فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : هَذَا الْيَوْمُ يَوْمُ الْعِيدِ . وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : بَلْ غَدًا ، فَاللَّهُ تَعَالَى نَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ : قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ أَنَّ الْأَهِلَّةَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ، فَاسْتَقِيمُوا عَلَى ذَلِكَ وَلَا تُجَادِلُوا فِيهِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْجِهَةِ .
الْخَامِسُ : قَالَ
الْقَفَّالُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : يَدْخُلُ فِي هَذَا النَّهْيِ مَا جَادَلُوا فِيهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011833حِينَ أَمَرَهُمْ nindex.php?page=treesubj&link=25649بِفَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ ؛ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَقَالُوا : نَرُوحُ إِلَى مِنًى وَمَذَاكِيرُنَا تَقْطُرُ مَنِيًّا ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ ، وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً وَتَرَكُوا الْجِدَالَ حِينَئِذٍ .
السَّادِسُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16327عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ : جِدَالُهُمْ فِي الْحَجِّ بِسَبَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي أَيِّهِمُ الْمُصِيبُ فِي الْحَجِّ لِوَقْتِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .
السَّابِعُ : أَنَّهُمْ كَانُوا مُخْتَلِفِينَ فِي السِّنِينَ ، فَقِيلَ لَهُمْ : لَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20500الزَّمَانَ اسْتَدَارَ وَعَادَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الْحَجُّ فِي وَقْتِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011834أَلَا إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَهَذَا مَجْمُوعُ مَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذَا الْبَابِ .
[ ص: 142 ] وَذَكَرَ الْقَاضِي كَلَامًا حَسَنًا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، فَقَالَ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا وَأَنْ يَكُونَ نَهْيًا كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=9لَا رَيْبَ فِيهِ ) [آلِ عِمْرَانَ : 9] أَيْ لَا تَرْتَابُوا فِيهِ ، وَظَاهِرُ اللَّفْظِ لِلْخَبَرِ ، فَإِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى الْخَبَرِ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَجَّ لَا يَثْبُتُ مَعَ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخِلَالِ ، بَلْ يَفْسُدُ ؛ لِأَنَّهُ كَالضِّدِّ لَهَا ، وَهِيَ مَانِعَةٌ مِنْ صِحَّتِهِ ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَسْتَقِيمُ الْمَعْنَى ، إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِالرَّفَثِ الْجِمَاعُ الْمُفْسِدُ لِلْحَجِّ ، وَيُحْمَلَ الْفُسُوقُ عَلَى الزِّنَا ؛ لِأَنَّهُ يُفْسِدُ الْحَجَّ ، وَيُحْمَلُ الْجِدَالُ عَلَى الشَّكِّ فِي الْحَجِّ وَوُجُوبِهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ كُفْرًا فَلَا يَصِحُّ مَعَهُ الْحَجُّ ، وَإِنَّمَا حَمَلْنَا هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الثَّلَاثَةَ عَلَى هَذِهِ الْمَعَانِي حَتَّى يَصِحَّ خَبَرُ اللَّهِ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تُوجَدُ مَعَ الْحَجِّ ، فَإِنْ قِيلَ : أَلَيْسَ أَنَّ مَعَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَصِيرُ الْحَجُّ فَاسِدًا ، وَيَجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ الْمُضِيُّ فِيهِ ، وَإِذَا كَانَ الْحَجُّ بَاقِيًا مَعَهَا لَمْ يَصْدُقِ الْخَبَرُ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تُوجَدُ مَعَ الْحَجِّ ، قُلْنَا : الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ حُصُولُ الْمُضَادَّةِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَبَيْنَ الْحَجَّةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا ابْتِدَاءً ، وَتِلْكَ الْحَجَّةُ الصَّحِيحَةُ لَا تَبْقَى مَعَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجِبُ قَضَاؤُهَا ، وَالْحَجَّةُ الْفَاسِدَةُ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِيهَا شَيْءٌ آخَرُ سِوَى تِلْكَ الْحَجَّةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا ابْتِدَاءً ، وَأَمَّا الْجِدَالُ الْحَاصِلُ بِسَبَبِ الشَّكِّ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَبْقَى مَعَهُ عَمَلُ الْحَجِّ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ ، وَعَمَلُ الْحَجِّ مَشْرُوطٌ بِالْإِسْلَامِ ، فَثَبَتَ أَنَّا إِذَا حَمَلْنَا اللَّفْظَ عَلَى الْخَبَرِ وَجَبَ حَمْلُ الرَّفَثِ وَالْفُسُوقِ وَالْجِدَالِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ ، أَمَّا إِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى النَّهْيِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ عُدُولٌ عَنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ ، فَقَدْ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالرَّفَثِ الْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ وَقَوْلُ الْفُحْشِ ، وَأَنْ يُرَادَ بِالْفُسُوقِ جَمِيعُ أَنْوَاعِهِ ، وَبِالْجِدَالِ جَمِيعُ أَنْوَاعِهِ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ وَمُتَنَاوِلٌ لِكُلِّ هَذِهِ الْأَقْسَامِ ، فَيَكُونُ النَّهْيُ عَنْهَا نَهْيًا عَنْ جَمِيعِ أَقْسَامِهَا ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ كَالْحَثِّ عَلَى الْأَخْلَاقِ الْجَمِيلَةِ ، وَالتَّمَسُّكِ بِالْآدَابِ الْحَسَنَةِ ، وَالِاحْتِرَازِ عَمَّا يُحْبِطُ ثَوَابَ الطَّاعَاتِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=3471الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الثَّلَاثَةَ لَا أَزْيَدَ وَلَا أَنْقَصَ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) هِيَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ فِيهِ قُوًى أَرْبَعَةٌ : قُوَّةٌ شَهْوَانِيَّةٌ بَهِيمِيَّةٌ ، وَقُوَّةٌ غَضَبِيَّةٌ سَبُعِيَّةٌ ، وَقُوَّةٌ وَهْمِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ ، وَقُوَّةٌ عَقْلِيَّةٌ مَلَكِيَّةٌ ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ قَهْرُ الْقُوَى الثَّلَاثَةِ ، أَعْنِي الشَّهْوَانِيَّةَ ، وَالْغَضَبِيَّةَ ، وَالْوَهْمِيَّةَ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فَلَا رَفَثَ ) إِشَارَةٌ إِلَى قَهْرِ الْقُوَّةِ الشَّهْوَانِيَّةِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197وَلَا فُسُوقَ ) إِشَارَةٌ إِلَى قَهْرِ الْقُوَّةِ الْغَضَبِيَّةِ الَّتِي تُوجِبُ التَّمَرُّدَ وَالْغَضَبَ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197وَلَا جِدَالَ ) إِشَارَةٌ إِلَى الْقُوَّةِ الْوَهْمِيَّةِ الَّتِي تَحْمِلُ الْإِنْسَانَ عَلَى الْجِدَالِ فِي ذَاتِ اللَّهِ ، وَصِفَاتِهِ ، وَأَفْعَالِهِ ، وَأَحْكَامِهِ ، وَأَسْمَائِهِ ، وَهِيَ الْبَاعِثَةُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى مُنَازَعَةِ النَّاسِ وَمُمَارَاتِهِمْ ، وَالْمُخَاصِمَةِ مَعَهُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ ، فَلَمَّا كَانَ مَنْشَأُ الشَّرِّ مَحْصُورًا فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ لَا جَرَمَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) أَيْ فَمَنْ قَصَدَ مَعْرِفَةَ اللَّهِ وَمَحَبَّتَهُ وَالِاطِّلَاعَ عَلَى نُورِ جَلَالِهِ ، وَالِانْخِرَاطَ فِي سِلْكِ الْخَوَاصِّ مِنْ عِبَادِهِ ، فَلَا يَكُونُ فِيهِ هَذِهِ الْأُمُورُ ، وَهَذِهِ أَسْرَارٌ نَفِيسَةٌ هِيَ الْمَقْصِدُ الْأَقْصَى مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْعَاقِلُ غَافِلًا عَنْهَا ، وَمِنَ اللَّهِ التَّوْفِيقُ فِي كُلِّ الْأُمُورِ .