[ ص: 437 ] مسألة
" فإن " أمكنه استعماله في بعض بدنه أو وجد ماء لا يكفيه لبعض طهارته استعمله وتيمم للباقي
هنا مسألتان :
إحداهما : إذا أمكنه استعماله في بعض بدنه مثل أن يكون بعضه صحيحا وبعضه جريحا ، أو يمكن الذي يخاف البرد كأن يتوضأ ويغسل مغابنه وشبه ذلك ، فيلزمه غسل ما يقدر عليه في الطهارتين الصغرى والكبرى ، لحديث صاحب الشجة حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم : " " . إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر - أو : يعصب - على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده
وفي حديث عمرو " أنه غسل مغابنه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم صلى بهم " وذلك لأن الله تعالى يقول : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " " وهذا يستطيع التطهر بالماء في بعض بدنه فيلزمه ، ويكون التيمم عما لم يصبه الماء ، ومثل ذلك مثل من غسل أكثر أعضائه ثم انقلب ماء طهارته فإنه يتيمم له ، هذا إذا لم يمكن غسل بقية البدن ولا مسحه ، فإن أمكن مسحه دون غسله ، فعنه : يلزمه المسح ؛ لأنه بعض المأمور به فيلزمه ، والتيمم بدلا عن تمام الغسل ، وعنه : يلزمه المسح فقط لأنه أقرب إلى معنى الغسل . ولأنه كان عليه حائل أجزأه مسحه فمسح البشرة أولى ، وعنه : يلزمه التيمم فقط لأن الفرض هو [ ص: 438 ] الغسل وقد عجز عنه فينتقل إلى بدله ، وهذا اختيار القاضي وغيره من أصحابنا ، فإن كان الجرح نجسا أو عليه لصوق أو عصابة أو جبيرة ، فقد تقدم حكمها . إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم
الثانية : إذا وجد ما لا يكفيه لجميع طهارته فإنه يستعمله ويتيمم لما لم يصبه الماء في الغسل والوضوء في أحد الوجهين ، وفي الآخر وهو قول أبي بكر يستعمل الجنب ما وجد دون المحدث ؛ لأن الجنب يرتفع حدثه عما غسله ، وإذا وجد بعد ذلك ماء غسل بقية بدنه ؛ لأن الموالاة لا تجب في الغسل بخلاف المحدث ، فإن الموالاة واجبة في الوضوء فلا يستفيد بغسل البعض فائدة ، ولهذا شرع في الجماع غسل بعض بدن الجنب عند النوم والأكل والجماع ، ولم يشرع غسل بعض أعضاء المحدث ، والأول قول أكثر أصحابنا لما تقدم في التي قبلها ، ولأنه من شروط الصلاة فالعجز عن بعضه لا يسقط الممكن منه كالسترة وغسل النجاسة ، ونقضوا التعليل بالموالاة بما إذا كان بعض أعضائه جريحا وكمن بخس بعض الفاتحة ، ثم قد يمكن الموالاة إذا وجد ماء قبل جفاف الأعضاء ، ثم عجز عن الموالاة ، إذا أسقطها لم تسقط ما هي شرط له وهو الغسل كشرائط غيرها .